وطني

«الدروس الخصوصية»: تقديم الاختبارات يرفع الاستنفار والأسعار

«الدروس الخصوصية»: تقديم الاختبارات يرفع الاستنفار والأسعار

على الرغم أن هدفها "تعليمي"، ويرى البعض أن هدفها هو الرفع من المستوى العلمي للطلاب، إلا أن آخرين يرونها مضيعة للمال وإجهادا للأبناء، فيما ذهب البعض إلى أبعد من ذلك من خلال أن هؤلاء المعلمين يستغلون مهنتهم للمتاجرة بهم وجمع أموال مقابل تعليم أبنائهم في المنازل.

تبقى قضية الدروس الخصوصية مشكلة موسمية تؤرق الأسر ما بين معارض، ومؤيد يريد استغلال فرصة الدروس الخصوصية لرفع كفاءة أبنائه التعلمية، وسد نقص عدم اهتمامه بمراجعة الحصص الدراسية التي تعطى للطالب في المدرسة خلال العام الدراسي.

وباتت الدروس الخصوصية الذي يقوم بتدريسها أحد المعلمين، لطالب أو أكثر خارج المبنى المدرسي لقاء مكافأة مالية، أو خدمة يقدمها له ولي أمر الطالب ظاهرة اجتماعية، وأبرز إحدى المشكلات التي تعاني من الأسر، والنظام التعليمي في المملكة رغم آثارها سواء كانت سلبية، أو إيجابية. ويبدو أن موسم الاختبارات للعام الجاري سيكون مختلفاً عن سابقة من المواسم التي مضت خلال الأعوام الماضية، إذ إن تقديم الاختبارات لتصبح قبل شهر رمضان المقبل لم يسعف البعض في الحصول على دروس خصوصية، فيما تسبب أيضا في إرباك جداول معلمي الدروس الخصوصية، لاسيما وأنها وضعت مسبقاً، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار الحصص لبعض المواد خصوصا العلمية منها، وجعل الأسر تدفع مرغمة أسعارا مضاعفة لتحسين مستوى تحصيل أبنائهم.

ووسط ترقب واستعدادات كبيرة للأسر في المملكة لبدء اختبارات نهاية العام الدراسي الحالي التي ستنطلق الأسبوع المقبل.. تفتح "الرياض" ملفاً خاصاً عن قضية "الدروس" الخصوصية، وما يرافقها من هموم، ارتفاع في الأسعار بسبب الاختبارات، لاسيما وأن فترة الاختبارات تم تقديمها لتنتهي الدراسة مع نهاية الشهر الجاري.

تشهد الكثير من أروقة المنازل السعودية هذه الأيام استنفارا من نوع خاص منذ لحظة إعلان تقديم مواعيد اختبارات نهاية العام الدراسي، حيث بدأ أولياء أمور الطلاب في تقوية أبنائهم علمياً من خلال استقطاب معلمي الدروس الخصوصية قبل بدء الاختبارات.

وتحدث عدد من الطلاب وأولياء الأمور لـ"الرياض"، عن أهمية الدروس الخصوصية والفوائد التي يكتسبونها من تلك الحصص، وعن ارتفاع الكلفة المالية التي يدفعونها لهؤلاء المعلمين رغم ما يحصلون عليه من دروس في مدارسهم سواء الحكومية منها أو الأهلية.

وقال محمد المالكي، الذي يدرس في المرحلة الثانوية، إنه اعتاد على اللجوء إلى دروس "التقوية" المدفوعة من خلال معلمين يعملون في هذا المجال، مشيراً إلى أن معلمي الخصوصي يبذلون أقصى جهودهم لتوصيل المعلومة للطلاب وبطرق منوعة، ومختلفة، وهو ما جعل الكثير من الطلاب يلجؤون لهم.

فيما شكى في المقابل محمد من ارتفاع ملحوظ في الأسعار التي يتقاضها هؤلاء المعلمون خصوصاً بعد تقديم الاختبارات، إذ إن الطالب الذي لم يستعن بمعلم خصوصي من بداية الفصل الثاني سيدفع أسعار مضاعفة خصوصاً للطلاب الذين يحتاجون لساعات ومواد معدودة، موضحاً أن البعض من المعلمين يكون هدفهم ماديا بحتا مستغلاً مهنتة كـ "معلم".

ولفت إلى أن الكثير من المعلمين سواء ممكن كانوا على رأس العمل، أو عاطلين عن العمل لا يمانعون في إقامة دروس تقوية في بعض المواد التي يعاني فيها الطلاب من صعوبة، مشيراً إلى أنه يتم الشرح للطالب بشكل أفضل في طرح الأسئلة والحصول على إجابة عليها.

من جانبه، أوضح الطالب عبدالرحمن البيشي، أنه تواصل خلال الأسبوعين الماضين مع عدد من معلمي اللغة الإنجليزية، وبعض المواد العلمية الخصوصيين، مشيراً إلى أن تلك المواد تحتاج إلى مراجعة الكثير من الدروس فيها قبل الاختبارات، إلا أنه تفاجأ بأسعارهم مختلفة عن كل عام والسبب في ذلك إلى ضيق الوقت جراء تقديم الاختبارات.

وأكد الطالب خالد أبو شار، أن اللجوء لما يعرف بـ"التقوية" يعود إلى حاجة الطالب في بعض الأحياء إلى وقت للاستيعاب وفهم بعض الدروس خصوصاً بعض المواد العلمية التي تحتاج إلى وقت طويل للفهم، إضافة إلى أن بعض معلمي الدروس الخصوصية يكون أفضل من المعلم المتواجد في المدرسة خصوصاً في طريقة إيصال المعلومة، وطرح الأسئلة والإجابة عليها مما يؤدي إلى اختصار الوقت في عملية الفهم.

ولفت إلى أن المعلمين الذين كان يستعين بهم خلال الأعوام الماضية لإعطائه حصص دراسية قبيل الاختبارات قاموا برفع الأسعار لهذا العام بسبب تقديم فترة الاختبارات الأمر الذي جعلهم في ضغط بسبب كثرة الطلبات على التقوية في بعض المواد.

ويرى أن الدروس الخصوصية تعتبر ضرورية للكثير من الطلاب والطالبات، خصوصاً للذين يعانون من صعوبات في التعلم، إضافة إلى أن حاجة المدرس الخصوصي قد تكون أحياناً بسبب الأعداد الكبيرة من الطلاب في الفصل الواحد مما يصعب على الطالب التركيز، وفهم بعض الدروس.

تقليد.. وآثار سلبية

كان لـ"أولياء" أمور الطلاب آراء مختلفة ما بين مؤيد، ومعجب بـ"الدروس" الخصوصية ، ومتذمر منها بسبب ارتفاع أسعار المعلمين من أجل التقوية بسبب تقديم الاختبارات، والبعض منهم يرى أنها إحدى الأساسيات لتقوية التحصيل العلمي لدى أبنائهم، في حين يرى البعض منهم أنها مجرد "تقليد" يقوم بها بعض الطلاب بسبب استعانة زملاء لهم بمعلمين لـ"الدروس" الخصوصية في منازلهم وأصبحت محل تفاخر، وإجهاد للطالب فقط مما يؤدي لعدم استيعابه الدروس مرة أخرى.

يقول ولي أمر أحد طلاب المرحلة الثانوية سالم عبدالله، إن الدروس الخصوصية تسببت في آثار سلبية على الطلاب من خلال عملية التكاسل التي ظهرت عليهم، وتسببت في الإجهاد كون حصص التقوية تبدأ بعد ساعات من انتهاء اليوم الدراسي، مشيراً إلى أن المعلمين للدروس الخصوصية استغلوا تلك النقاط السلبية، وجعلوها وسيلة للربح السريع وتلاعب بمهنتهم الشريفة.

وأضاف قائلاً:" نشاهد في الكثير من اللوحات، وجدران المباني ملصقات لمدرسين خصوصيين لجميع المواد، وهو ما جعل الطالب يعتمد عليها، ويهمل الدراسة طوال العام الدراسي وعندما تأتي الاختبارات يلجأ لهؤلاء المعلمين لإنقاذه من الفشل".

وحول أسباب لجوء الكثير من الأسر إلى الاستعانة بمعلمي الخصوصي، أرجع أحد أولياء الأمور حامد إبراهيم، ذلك إلى ضعف المستوى التحصيلي للطالب في بعض المواد الدراسية، إضافة إلى عدم وجود الوقت الكافي لمنح الطالب كل ما يحتاجه من معلومات في بعض المواد سواء من إجابات، أو غيرها.

في المقابل يرى محمد السهيمي والد أحد الطلاب، أن المشكلة الحقيقية في الدروس الخصوصية هي أن البعض من الأبناء يقلدون زملاءهم بالاستعانة بالمعلمين في الدروس الخصوصية من خلال احضار المعلم للمنزل، مشيراً إلى أن ذلك كلّف أولياء الأمور مبالغ مالية غير تلك التي يدفعونها كرسوم للمدارس الأهلية.

وأوضح أنهم لا ينكرون جهد المعلم أثناء الحصص الدراسية في المدرسة لكنه ليس بالشكل الذي يجعل من الطالب مستوعباً لكل ما يقال في الحصة، لاسيما وأن أعداد الطلاب كبيرة في الفصول الدراسية وقد تصل إلى 50 طالبا في الفصل الواحد، وهو ما يسهم في ضعف مستواه التعليمي، لكنه يرى أن البعض من معلمي الدروس الخصوصية استغلوا مهنة التدريس بشكل سيئ.

ولفت السهيمي إلى أن فرص معلمي الدروس الخصوصية زادت خلال الشهر الجاري بسبب تقديم الاختبارات والتي تنتهي الشهر الجاري، مشيراً إلى أن الأسعار ارتفعت عما كانت عليه سابقاً، لاسيما وأن الكثير من المعلمين ممن يعملون في هذا المجال مرتبطين مسبقاً مع طلاب آخرين في أحياء مختلفة في جدة منذ بدء الفصل الثاني وهو ما يصعب عملية البحث عن معلم خصوصي.

معلمون: نقدم رسالة

تعليمية هادفة.. والمال يوازي الجهد

اولت "الرياض"، استطلاع آراء المعلمين سواء كانوا سعوديين، أو مقيمين من جنسيات مختلفة، الذين يقومون بزيارة المنازل لتقديم دروس خصوصية في المناهج لطلاب المدارس، والجامعات، والتهم التي توجه لهم بين حين وآخر بأنهم وراء فشل الكثير من الطلاب، إضافة إلى رفع الأسعار وتقاضي مبالغ مالية كبيرة، وكان جوابهم أنهم يقدمون رسالة تعليمية هادفة لـ"الراغبين" في الاستزادة من العلم، والمهتمين بأمور أبنائهم من طلبة العلم طوال العام.

وأكدوا أنهم لا يلتفتون إلى ما يقال عنهم، خصوصاً وأن تلك الانتقادات تأتي في نهاية كل عام، مشيرين إلى أنهم يوازون دور المعلم في المدرسة لكنه بنسب متفاوتة، وأجور مختلفة، وطرق تدريس تختلف أيضاً وهو ما يميزهم عن غيرهم في إيصال الإجابة والمعلومة الصحيحة للطالب بأسهل طريقة ممكنة، وخلال فترة وجيزة.

يقول المعلم المصري أحمد عبدالفتاح والذي يعمل في الدروس الخصوصية منذ 7 أعوام: إنه يعمل في تدريس اللغة العربية منذ عدة سنوات، مشيراً إلى أنه يقدم رسالة ذات قيمة كبيرة من خلال تقديم العلم لمن يطلبه.

وأشار إلى أنهم يذهبون لتعليم الطلاب بناء على دعوات توجه لهم، وطلبات تصل إليهم، موضحاً أن الأعوام الماضية شهدت إقبالاً على التدريس الخصوصي بعد أن أثبت العاملون في ذلك المجال جدارتهم، وكفاءتهم لتقديم المناهج في أفضل صورة.

وحول رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، أوضح عبدالفتاح أنه لا يوجد ارتفاع للأسعار خصوصاً مع الأسر التي ترغب في تقوية لأبنائهم طوال العام الدراسي، موضحاً أن الغالبية من الطلاب يتم العمل معهم بشكل شهري وبمبالغ لا تتجاوز 800 ريال شهرياً، عكس من يرغب بتقوية في مادة واحدة قبل يوم من الاختبار.

من جانبه، أوضح مختار العبدالله، أن الدروس الخصوصية التي يقدمونها للطلاب في منازلهم ترفع من تحصيلهم العلمي لاسيما الطلاب الذين يحرصون على تلك الدروس طوال العام الدراسي لأنها تسهم في استيعابهم بشكل أكبر لاسيما، وأن فترات الحصص الدراسية اليومية في المدرسة قد لا تكفي لطرح الأسئلة، والحصول على إجابة لها.

وأضاف أن المقابل المادي لم يعد مهماً في بعض الأحيان خصوصاً في ظل نشاط، ورغبة بعض الطلاب في الحصول على العلم، والاستزادة من خلال دروس التقوية التي تقدم له سواء كانت بشكل يومي، أو يوم في الأسبوع بحسب المتفق عليه.

ولفت إلى أن المبلغ المالي قد لا يغطي كلفة التنقل من منزل إلى آخر، إضافة إلى الجهد الذي يبذله المعلم لإيصال المعلومة الصحيحة للطالب، وشرح المنهج بطرقة مبتكرة، موضحاً أن تلك الأمور تحتاج إلى جهد مضاعف، وهي رسالة للرد على المتربصين، والمنتقدين للمعلمين الذين يقومون بالعمل في الدروس الخصوصية، وزيارة المنازل.

فيما أكد البراء محمد، وهو معلم لغة إنجليزية أن الصورة التي يتناقلها البعض حول المعلمين الذين يقدمون دروسا خصوصية تحمل الكثير من السلبيات رغم الإيجابيات الكبيرة التي ترافق تلك الدروس.

وأشاد ببعض أولياء الأمور، والطلاب الذين يبدون حرصاً كبيراً بالدروس الخصوصية، والاستفادة منها في كل عام، مشيراً إلى أنها أخرجت طلابا لديهم الرغبة، والحب للعلم، ويسعون إلى الاستفادة سواء كان من معلم المدرسة، أو المعلمين الذين يقدمون الدروس الخصوصية.

وشدد على أن ما يقدمه معلم الدروس الخصوصية يوازي دور المعلم في المدرسة سواء كانت حكومية، أو أهلية، موضحاً أن طرق التدريس تختلف في إيصال الإجابة، والمعلومة الصحيحة للطالب بأسهل طريقة ممكنة بحسب خبرة كل معلم.

اختصاصي اجتماعي:

«وهم».. واستغلال لخوف الطلاب وقلق الآباء

كان للمتخصصين في علم الاجتماع رأي خاص في ما يتعلق بـ"الدروس الخصوصية"، حيث وصف أحد المختصين في علم الأسرة هذه الدروس "وهمية"، مشيراً إلى أنه وفي حال متابعة الطالب من قبل ولي أمره فإنه لا يحتاجها.

ويرى المستشار الاجتماعي المتخصص في مجال الأسرة، والطفولة أنس بن حسن عاشور، أن بعض المعلمين، والمعلمات يتعمدون إجبار أولياء الأمور في دخول أبنائهم لما يعرف بـ"الدروس الخصوصية"، أو مجاميع التقوية، مستغلين موسم الاختبارات لبدء هذه الأسطوانة.

ويؤكد عاشور أن هؤلاء المعلمين يستثمرون خوف الطلاب من الاختبارات، وقلق أولياء الأمور على مستوى التحصيل لأبنائهم، فيعلنون حرب الدروس الخاصة، لمراجعة المناهج قبيل الاختبارات، على شكل مجموعات تقوية لمراجعة المناهج، والتركيز على الموضوعات المهمة حتى يصل الحال في بعض الأحيان إلى تسريب أسئلة الامتحان.

وأضاف: " هذا كله نتيجة تعود الأبناء على اللجوء إليها كمراجعة نهائية قبيل اختبارات العام الدراسي، ولو كان هذا منذ بداية الفصل الدراسي وبمراجعة مستمرة، ومتابعة من أولياء الأمور لما احتاج الطلاب لمثل هذه الدروس الوهمية، والتي يقصد بها الكسب المادي، أولاً، وأخيراً".

وأرجع الخطأ في ذلك إلى الآباء والأمهات في عدم متابعة أبنائهم، ومن ثم تراكم المواد عليهم دون مراجعة، أو استذكار، إضافة إلى أن وزارة التعليم تتحمل جزءا كبيراً من هذه المشكلة لعدم محاسبة هؤلاء المعلمين وردعهم فمن أمن العقوبة أساء الأدب.

وشدد على دور المدرسة في عمل مجاميع تقوية للجميع وبالمجان داخل أسوار المدرسة حرصا منها لتلافي هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن بعض المعلمين، والمعلمات والذين لا يكترثون بالمستوى العلمي، والتحصيلي للطالب، وإنما يضع جل اهتمامه وراء المنفعة، وما يجنيه من مكاسب، ويتضح ذلك عند دخول الطالب إلى الجامعة، وهو حاصل على درجات عالية، ومن ثم تحدث الانتكاسة لاختلاف التعليم الجامعي عن التعليم الثانوي، وبالتالي تجد الطالب متأخرا دراسيا حتى يتم فصله، أو عدم رغبته مواصلة التعليم الجامعي.

وقال: "دورنا هو التوجيه، والنصح لهذه الظاهرة المنتشرة، والتي ربما تؤدي إلى انحطاط عام في مستوى المخرجات بالنسبة للطلاب، و لابد من تدخل سريع، وبطريقة علمية لإنهاء هذه الظاهرة للأبد".

image 0

image 0

البعض يرى الدورس الخصوصية أحد الأساسيات لتقوية التحصيل في حين يراها آخرون «تقليداً»

image 0

أنس عاشور

albwaabh

صحيفة البوابة الإلكترونية || الإعلام بمفهومه الجديد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى