عصر الاستنساخ!
في الآونة الأخيرة تعجّبتُ كثيرًا ممن جرت به الحياة ودفعتهُ لعملِ شيءٍ ما وحرص كل الحرص على أن يُشبعَ هذا العمل رياءً حتى يتلقّى سيلًا من المديح والثناء ، يُرائي عمدًا من غير شيمة ولاحياء ، كل ذلك من أجل حفنةٍ من ثناء ومديح فلا المديح يزيده ولا النقد يُنقصه .
فكثيرًا ما يجول في ذهني سؤال مشروع ، ما الهدف من أن تسأل أحدهم ( أخبرني يافلان كيف تراني؟ ) باحثًا عن صورتك المرسومة في ذهن غيرك !!
وما إن تنتهي من جمع الآراء حول هذا التساؤلات حتى تبدأ بتصنع ما ليس فيك لترضي الآخرين ولتبحث في شخصك عن الكمال ، وتسعى طوال حياتك هائمًا بين الأنام كالريشة في مهب الريح وتستميت من أجل أن تتلبس كل الطباع التي لاتراها في نفسك ، وتقتبس من هذا طبع ومن ذاك سلوكًا ليس فيك ، حتى وصل بك الحال إلى أن تُقلّد الآخرين في تفاصيلهم وشخصياتهم الطبيعية ، تتمايل يمنةً ويسرةً لتكون لافتًا للنظرِ بشخصيةٍ مزيفة وأسلوب مصطنع ومثالية بائسة !!
لماذا لا تستهلك كل هذا العناء في بناء شخصيةٍ متفردة في الأسلوب تميزك عن غيرك ؟
لماذا لا تكون جبلاً ثابتًا لا يتغير بفعل العوامل المحيطة ؟ لماذا لاتكن أنت ؟ لماذا تكتسب شخصية غيرك ؟ ألا تخجل عندما تتقمص أسلوب شخص آخر ؟ كن أنت في قيامك بعمل تحبه ، في تعاملك مع الآخرين ، في قولك لرأيك بكل موضوعية وصدق دون انحيازك لرأي شخص آخر ليرضى عنك حتى وإن تعرّض رأيك للنقد والرفض من غيرك ، فأنت هنا تتحدث من داخل نفسك الحقيقية ، كن أنت حين تراعي مشاعر شخص آخر ولا تجرحها ؛ لأن تلك مشاعر نفسك الحقيقية ، كن أنت حين تحترم شخصًا نفع بعمله أو صدق في قوله وليس من أجل مظهره الخارجي ؛ لأنك تراه بعين نفسك الحقيقية . تعلّم أنه سيقابلك نماذج من العظماء وهنا سيكون من حقك أن تقتديَ بهم في بعض ما يفعلونه ويقولوه ، ولكن عليك أن تعيَ تمامًا أن الحياة لا تحتاج إلى تكرار وصور متماثلة ومتطابقة كليًا في الشخصيات والمواهب ، حتمًا لابد من التنوع والتفرد بيننا حتى نرى كل شخص بجوهره الداخلي لا بالتزيّف المصطنع ، ماذا لو كانت حياتنا ذات لون واحد ومذاق واحد ؟ ستفقد بريقها ولن يعيده إلا التنوع والإختلاف الذي يطغى عليها .
خاتمة :
« كن مفتخراً دائمًا بنسختك الأولى التي حظيت بها ، ولاتكن نسخة ثانية مزيفةً من شخص آخر »