الرياضة

قطر وكأس العالم 2022.. فساد فتَّت إمبراطورية الكرة

على الرغم من مرور أكثر من ستة أعوام على اختيار قطر لتنظيم نهائيات كأس العالم 2022 إلا أن الكثير من الملفات المرتبطة بالاستضافة لا تزال تلاحق القطريين وسط عواصف لا تكاد تهدأ حتى تظهر أخرى تتعلق بقضايا رشى وفساد ومؤامرات تناولتها الكثير من وسائل الإعلام، فكيف بدولة صغيرة ولم تتأهل إلى نهائيات كأس العالم على مستوى المنتخب الأول فجأة يسند لها تنظيم أكبر تظاهر كروية لولا أن وراء الأكمة ما وراءها، وذهب رئيس الاتحاد الدولي السابق جوزيف بلاتر وعدد من أعضاء الاتحاد ورئيس الاتحاد الآسيوي السابق محمد بن همام ضحية للفساد، وهناك من أوقف مدى الحياة بعد تحريات ومتابعة ومحاكمات وبدأ الامساك بخيوط الفساد بعدما فازت قطر في أواخر العام 2010 بحق تنظيم كأس العالم 2022 بعد أربع جولات من التصويت، إذ خرجت أستراليا من الجولة الأولى، واليابان من الجولة الثانية، وكوريا الجنوبية من الثالثة، ليكون الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية وقطر في الجولة الأخيرة، ليعلن بعدها بلاتر فوز الدولة الصغيرة بحق الاستضافة وهو الذي فتح عليها باباً كبيراً من الملاحقات على المستوى الإعلامي بعدما أثبتت الكثير من التقارير المدعمة بالمستندات ورسائل البريد الإلكتروني تلقي عدد من مسؤولي كرة القدم في أفريقيا وأنحاء أخرى من العالم مبالغ من شخصيات قطرية للتأثير على سير التصويت وحسم حق الاستضافة للقطريين.

تقرير صادم

نشرت الـ»صنداي تايمز البريطانية» تقريراً مثيراً للجدل في يونيو 2014 حين اتهمت رئيس الاتحاد الآسيوي السابق محمد بن همام والذي وصل لمنصب نائب رئيس «الفيفا» وقالت الصحيفة: «ابن همام لعب دوراً محورياً بين المسؤولين القطريين ومسؤولين في حكومات أخرى عبر تقديم صفقات تجارية ضخمة كأحد طرق التحفيز من أجل الحصول على الدعم لملف قطر».

وأشارت الصحيفة البريطانية ذائعة الصيت إلى أنها استطاعت الحصول على ملايين الرسائل الإلكترونية والوثائق إلى جانب الكشوفات البنكية والتي تظهر قيام ابن همام بدفع خمسة ملايين دولار للتأثير على القرار.

في المقابل، كان لهذا التقرير وقعاً قوياً على بعض الشركات الراعية لبطولات كأس العالم والتي تصل إلى ست شركات، فالشركة الألمانية الشهيرة «أديداس» طالبت «الفيفا» بفتح تحقيق مستقل بشأن هذه الادعاءات والاطلاع على الوثائق التي تقول الـ»صنداي تايمز» قبل أن تلحق بها الشركة الشهيرة المتخصصة بالألكترونيات «سوني» وتطالب فتح التحقيق، خصوصاً أن المراسلات السرية أثبتت التعدي على الأنظمة وأخلاقيات التصويت وقواعد المنظمة الرياضية الكبيرة.

المطالبات بإعادة التصويت على حق استضافة التظاهرة العالمية الكبرى في 2022 لايزال يظهر بين الحين والآخر مع ظهور أدلة وقرائن تشير إلى أن ممارسات فساد ورشاوى كانت حاضرة والبطل واحد هي قطر، خصوصاً وأن «فيفا» تعرض لعاصفة من التغييرات على مستوى القيادات، إذ طالت رأس الهرم جوزيف سيب بلاتر، وأمين عام المنظمة الفرنسي جيروم فالكه.

وقبل عام بدأ الادعاء السويسري في فتح تحقيقات جنائية في حصول قطر على حق الاستضافة، بعد أن دخلت وزارة العدل الأميركية على خط التحقيقات في أنشطة الفساد وأوقفت العديد من المسؤولين المتهمين بتلقي عمولات ورشاوى وممارسة أنشطة رياضية بعيدة عن القواعد الأخلاقية، مثل نائب رئيس «فيفا» السابق جاك وارنر، وجيفري ويب الذي كان يشغل منصب اتحاد كرة القدم في الأميركيتين الشمالية والوسطى والاتحاد الكاريبي وهو من الأسماء التي تناولتها التحقيقات الإعلامية كثيراً ضمن قائمة من شخصيات حصلت على رشاوى وعمولات عبر بنوك أميركية من أجل تمرير أجندات معينة من بينها الدفع نحو التصويت لقطر.

الرشاوى بطلها رئيس الاتحاد الآسيوي الموقوف مدى الحياة

ويظهر دور القطري محمد بن همام جلياً عبر الحملة التي قادها بعيداً عن الأنظار لتقوية حظوظ بلاده في الحصول على ورقة الاستضافة من خلال تقديم ودفع مبالغ مالية تصل إلى ثلاثة ملايين يورو إلى عدد من المسؤولين في سبيل تحقيق الهدف القطري، بحسب تقارير صحافية.

اختراق الرسائل الإلكترونية كشف عن ان بن همام وقف مع بلاده على الرغم من أنه كان مطالباً بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف خصوصاً أن المنافسة على استضافة مونديال 2022 كانت تضم أربع دول محسوبة على الاتحاد الآسيوي الذي كان يقوده القطري، وهي اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية وقطر، لكن كل المؤشرات كانت تذهب إلى قيامه بدور بطولة مشبوهة وبعيداً عن الأضواء في ترشيح الملف الذي لا يزال محاطاً بالكثير من الشكوك من حيث نزاهته، وهذا يعكس أن الدور القطري غير النزيه شمل مختلف المجالات ومن ضمنها كرة القدم التي دائماً ما يرفع المتبارون فيها شعار «اللعب النظيف.. والروح الرياضية» ولكن قطر تلعب دورها المشبوه على كل صعيد، إذ تقول التقارير إن نائب رئيس الاتحاد الدولي السابق جاك وارنر والمقرب جداً من ابن همام تلقى مبلغاً يصل إلى 1.7 مليون دولار في الفترة التي تسبق التصويت، قبل أن يتلقى الاثنان عقوبة الإيقاف مدى الحياة عن ممارسة أنشطة تتعلق بكرة القدم، والأمر لا يتوقف على ذلك بحسب التحقيقات التي أشارت إلى أن مبالغ الرشى دُفعت لأبناء بعض الأعضاء، مثلما حدث مع البرازيلي ريكاردو تيكسيرا، إذ ذهبت تقارير إلى أنه تلقى نحو ثلاثة ملايين دولار بعد تصويته لصالح الدولة حديثة العهد بكرة القدم ومنظماتها الدولية.

بدوره وعلى الرغم من محاولات «الفيفا» نفي أي ممارسات مشبوهة في إسناد تنظيم كأس العالم 2022 إلا أن القاضي الأميركي مايكل غارسيا أصر وطالب بمواصلة التحقيق في هذ الملف، خصوصاً أن تقريره الذي أمضى نحو 18 شهراً في إعداده يذهب إلى إمكانية حدوث مخالفات وانتهاكات تضر بقواعد «الفيفا» ونزاهة التصويت على خلاف ما جاء في تقرير القاضي الألماني هانز يواكيم إيركت.

ولا يُحاط الملف القطري لاستضافة كأس العالم بشكوك تتعلق بغياب النزاهة وبوجود ممارسات غير أخلاقية وفساد تحدث عنه العالم أجمع وحسب، بل إن الكثير من الانتقادات وجهت لقطر، التي تسعى للحفاظ على نتيجة التصويت التي منحتها حق الاستضافة ومنع جميع محاولات التحقيق والمطالبات المستمرة بإعادة التصويت، إذ يبقى ملف العمالة التي تشارك في تجهيز البنية التحتية والملاعب لاستضافة البطولة أحد أهم الملفات الشائكة التي لا تزال محل انتقاد العديد من المنظمات الدولية والمهتمة بحقوق الإنسان من خلال غياب البيئة المناسبة وغياب وضعف إجراءات السلامة لهذه العمالة خصوصاً مع توقعات تشير إلى إمكانية وصول المحصلة النهائية إلى 400 حالة وفاة تتسبب بها أعمال البنية التحتية في الدولة الخليجية الصغيرة.

ولطالما كانت الحكومة القطرية في مرمى نيران تتعلق بحقوق الإنسان المتعلقة في سوء معاملة عمال البناء، فقد أشارت الكونفدرالية الدولية للنقابات أن 1200 عامل من الهند ونيبال قضوا نحبهم في قطر بســبب غيــاب معايير السلامة في أماكن عملهم، وهو ما وصفته صحيفة «غارديان» البريطانية بـ»عبودية العصر الحديث.
(الرياض)

albwaabh

صحيفة البوابة الإلكترونية || الإعلام بمفهومه الجديد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى