كُتاب البوابة

ماذا لو كان الجميعُ متطوعاً ؟

تبادر إلى ذهني عدة مرات هذا التساؤل والذي له عدة إجابات شيّقة لاحدّ لها ولانفادّ ، ماذا سيحدث لمجتمعنا ووطننا لو كان الجميعُ متطوعاً ؟ إنّ التصور بحد ذاته لاحصر له من الغنائم والفوائد لو كان الجميع كذلك ، فـسُبحان القائل بكتابهِ الكريم ﴿ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ أيّ : تطوع بخيرٍ زائدٍ عن الواجب عليه ، والخير اسم لكل مايجلب المسرّة ويدفع المضرّة والمراد به بمعنى آخرّ هو العمل الصالح وكل مايجلب الخير ،فكمّ من جذعٍ سيخرج منهُ ثمارًا جمّة ، وكم من جرحٍ سيُداوَى صاحبه ، وكم من دمعةٍ سيُجلى همّها ، ماذا لو أطلقنا حملة مبادرة تشجير في شتّى أنحاء المملكة ؟ وشارك بها أطياف المُـجتمع من مختلفِ الأعمار وغرس كل فرد شجرةً أمام منزله لساهم ذلك في تنقية الهواء وتحسين المظهر العامّ وطبقنا مقولة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ( إذا قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها ) ناهيك عن الأجر الذي سنجنيه من الكريم جلّ جلاله ، ماذا لو أُطلقت حملة زيارة المرضى بالمستشفيات ؟ واقتُصرتْ على من ليس لهم أقاربًا يزوروهم ويهتمون بشؤونهم ؛ لرسمنا على وجوههم ابتسامةً جميلةً وبعثنا في نفوسهم التفاؤل والسعادة وطبقنا سنة رسولنا الكريمّ ، وكففنا مدامعًَا كابدت وعانت وغاص حزنها في مغاريق الأعين وانكسرت قلوبها في غياهب الحزن ، ماذا لو قمنا بإطلاق مبادرة كفالة الأيتام وإيواء المشردين واتفق بعض الأفراد المتمكنين ماديًا بالتبرع ببعض أموالهم لأؤلئك المساكين ؛ لتلاشت مشاكل الفقر وعاشوا بعزةٍ وكرامة ، وماذا لو قمنا بحملةٍ لزيارة النزلاء الذين أعسرتهم الديون وتحوطت حولهم جداران الأسى ؟ إن الثمار التي سنجنيها من كل ذلك لن يُحصيها مقال ولن يوجزها كلام ولن يتصور العقل حجم الأجور والعطايا من الكريم المعطي ، ستعمُّ السعادة والألفة أرجاء القلوب وسنحظى بمجتمع يُساعد بعضه بعضًا ويسعى لرسم الابتسامة على وجوه الآخرين ، وأصبح مجتمعنا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضوًا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى ، إن كل هذه المبادرات ستجعل وطننا ينعمُ بالإزدهار في إنتاجيته وتحسّن مظهره العامّ وعكس ثقافتنا الإسلامية أمام العالم أجمع ، فالتعاون وتقديم يد العون للمسلمين ومراعاتهم وقضاء حوائجهم سببًا في رضا الإله عز وجل علينا ، وسببًا في هطول السماء بالغدقِ الذي يحيي الأرض ويسقي الدوابّ والمخلوقات ، ولعشنا حياةً جميلةً دائمةَ الألفة . ومن الجميل أنّ رؤيةِ وطننا 2030 تهدف إلى نشر ثقافة العمل التطوعي وتحسين فاعليته وزيادة الفرص التطوعية من خلال تبني أحدث الطرق وأفضل الممارسات الدولية الداعمة لتحفيز العمل التطوعي ، فالتحول الوطني يطمح إلى وجود مليون متطوعاً في أنحاء الوطن نهاية 2030 فلنكنّ نحنُ جزءًا منهم ولا نحرم أنفسنا من هذا الأجر ولنعش معاً كالمسافرين بهذه الدُنيا الذين أحسنوا الترحالّ وتركوا لمن خلفهم نِعمًا تُذكر ويُخلدها التاريخ .

ومضة :
عندما تملك مليون متطوعًا فأنت تملك ثروةً بشريةً غاليةً وهذا يُشكل فرقاً واسعًا في التغير المجتمعي ، فدربُ التطوع لا حدّ له من المزايا والأجور ، فما حجم الفائدةِ التي سنجنيها لو كنّا جميعاً متطوعين ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى