كُتاب البوابة

ثقافة الاختلاف لا الخلاف

من الذي يعيش بيننا ولا يحتاج للمزيد من المعرفة خلال يومه ؟ ومن منا من لم يحاول مرارًا وتكرارًا في إيصال معرفة وفكرة ورأي إلى شخص يتحاور معه ؟
تحدث بيننا الكثير من النقاشات وتبادل وجهات النظر المليئة بالحجج وأساليب الإقناع والتأييد والمعارضة والتوتر ، فكيف تكون نقاشاتنا نقاشات مثالية ؟ .. النقاش معرفة ووعي وثقافة ، فالنقاش الذي يدور بين شخصين وأكثر له أهداف وغايات مبررة ولكن نلاحظ أنه في بعض الحالات يخرج عن إطاره ومساره المنظم ليسلك منعطف “الجدال” فيرتفع الصوت وتتصلّب الأفكار ، ويتشتت الذهن ويحاول المتناقشين التعاطي مع الموضوع بشكل مقنع ولكن دون جدوى ، فتبدأ المقاطعة وتُجهض آداب الحوار ، وتُفرضُ الأراء ، وتبدأ مرحلة الشخصنة والتشفي والتراشق بالألفاظ . في هذه الحال يكون المردود عكسي بسبب إصابة النقاش بداء الجدال الذي ضعّفه وجعل نتائجه هزيلة . كل إنسان يحمل في داخله فكر مختلف عن الآخر ، ويرى الحياة من زوايا مختلفة ونظرة خاصة ، فاختلاف الأفكار الذي يحدث أثناء النقاش هو لمعة وأصالة في البشر ، فالأمر هنا ليس في نقطة اختلاف الأفكار أثناء النقاش ؛ بل في طريقة التقبّل لهذا الاختلاف ؛ يقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه « قولي صوابًا يحتمل الخطأ ، وقول المخالف خطأ يحتمل الصواب » لذا الاختلاف أثناء النقاش أمر وارد وطبيعي ؛ ولكن يجب علينا أن نعوّد أنفسنا على احترام وتقبل الآراء والبعد عن الانفعالات الزائدة التي يكون ضررها أكثر من نفعها عند الحديث مع الآخرين ، فالعقول تختلف بسبب صبغة البيئة المحيطة بها ، فالعقول الراقية تجد في الاختلاف وسيلة للتعرف على عالم آخر ومنطق جديد بداخله آراء ومبادىء تستحق أن تؤخذ بجدية ليُستمد منها موروثًا ثقافيًا جديدًا.

ختامًا ؛ المقولة الشهيرة « الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية » لصاحبها أحمد لطفي يجب أن تكُون شعار المتناقشين ، ليبقى الود قائم بينك وبين من حولك ، فلولا الاختلاف لأصاب الناس الملل والكآبة بسبب التكرار البشع ، فلنتعايش مع السنة الكونية التي فطرنا الله عليها ولنتعلم من بعضنا الأفكار الجميلة النيّرة ، ونتقبل الآخرين بصدر رحب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى