كُتاب البوابة

العمق الروحي

للحياة دورها الكبير في تشكيل وصقل شخصية المرء الذي من شأنه أن يطورها بحسب أنظمته وقوانينه التي يراها تتلائم نسبيًا على الأقل مع قناعاته ومبادئه الشخصية، أو أن يتركها قالبًا مفرغًا مستقبِلًا دون استثناءات وإبداء ردود فعل معينة، وحتى يمتلك المرء تلك القناعات عليه أن يمتلك بالمقابل قواعد رصينة من العلم والمعرفة والتجارب الشخصية.

وهذه القواعد الثلاث كفيلة بأن تنقل المرء من مرحلة التأسيس والتشكيل إلى مرحلة الاستقرار والرضا الذاتي “مرحلة رأس الهرم بحسب ترتيب العالم ماسلو لتسلسل احتياجات الإنسان” وهي المرحلة التي يطمح إليها الجميع لمتانتها وحصانتها للنفس ضد عوامل الحياة المعرّية.

ورغم أهمية القواعد الثلاث إلا أن العناية بالجانب الروحي لا يقل أهمية عنها، و هو الجانب الأكثر تأثيرًا على النفس، كونه أشمل الطرق المؤدية للحالة الجوهرية المثالية للسلام والاستقرار الداخلي.

و يُعنى بالجانب الروحي: كل ما يتعلق بالروح من خفايا وغيّبيات ومشاعر، وهي أمور غير ملموسة يستشعرها الإنسان بقلبه، لذلك قيل أن الروح كيان غير مرئي خارق للطبيعة، ويختلف تعريفها عن النفس من منظور ديني “الاسلام” ومن منظور فلسفي كذلك، يقول الله عز وجل: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وهذا دليل على أن الروح شيء خارق للطبيعة، شيء يبعثه الله تعالى في جسم الإنسان، (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، أما من منظورٍ فلسفي فقد ذكر أفلاطون بحسب رأيه أن الروح عبارة عن “النفس والعقل والرغبة” مجتمعة، ويقصد بالنفس الاحتياج العاطفي وبالرغبة الاحتياج الجسدي.

و بعيدًا عن ماهية الروح و بابها الواسع سأستطرد حديثي عن العناية بالجانب الروحي للإنسان، ولعل أبرز ما يحقق هذا الهدف هو الإتصال الدائم للمخلوق بخالقه عز وجل، ببذل العبادات بأنواعها لا سيما الصلاة والدعاء، و هو ركيزة العمق الروحي للثبات والمقاومة، ثم يأتي الانسجام الذاتي ما بين الضمير والعقل الواعي من عقولنا، والذي بتحقيقه تتحقق السعادة والرضا الداخلي.

وبذلك ندرك “التوازن النفسي” بتلبية احتياجاتنا الإنسانية التي تميزنا عن الكائنات الحية الأخرى، و بالإلمام بجميع الجوانب التي تساعدنا على تشكيل شخصيات ذات أساس متين يؤهلنا لخوض مجريات الحياة باتزان وثبات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى