كُتاب البوابة

أطفالنا والعيد

أبلغ من العمر ما يزيد على الخمسين عاماً وأتذكر طفولتي وفعاليات العيد في ذلك الزمن وكيف كانت تحفل بسلوكيات تجعل فرحة العيد فرحة صادقة ومناسبة سعيدة لا يمكن نسيانها في حياتنا كأطفال والتي غالباً ما تبدأ مراسمها بعد أداء صلاة العيد الذي نرتدي فيه الثياب الجداد والتي هي في حد ذاتها كانت لها فرحة كبيرة ننتظرها كل عيد ليلي ذلك فرحة أخرى وهي فرحة توزيع الهدايا التي عادةً ما تكون مخبأة ثم يتم توزيعها علينا عقب أدائنا لصلاة العيد فتغشانا فرحة لا تكاد توصف رغم بساطة تلك الهدايا في تلك الفترة إلا أن حلاوتها لا تنسى ثم نقوم بعد تلقيها بزيارة الجيران وتلقي العيديات والحلويات التي كانت سمة ملازمة لكل عيد يهلّ علينا.

لقد كانت تلك الفرحة بالعيد فرحة حقيقية ذات طعم ومذاق خاص لازلت أتذوقه إلى حد الآن وهذا ما يفتقده للأسف أطفال هذا الزمن، وكم يحزنني ذلك حين أرى أطفالي وقد حرمتهم المتغيرات الحديثة سواء في السلوك أو الممارسة الاستمتاع بطعم تلك الفرحة رغم الجهد الذي يبذله الكثير من الآباء والأمهات وأنا منهم لمحاولة خلق جو مشابه قدر الإمكان لماضينا الحافل بالبهجة والسرور ولكن رغم ذلك لا أرى أثرًا إيجابيًا كبيرًا لمعظم ما نقوم ببذله.

إن ما يجب أن يكون حاضراً في مثل هكذا مناسبات من جانبنا نحن كولاة أمر العمل على قراءة واقعنا الحالي والنظر إلى مجالات الترفيه التي يحتاج أطفالنا الاستمتاع بها (فما لا يدرك جُلّه يجب ألا يترك كُلّه) ففرح أبناءنا وبناتنا يجب أن يكون هدفنا جميعاً ويجب علينا البحث عن كل ما قد يزرع في وجدانهم استشعار فرحة وطلاوة العيد الأمر الذي يجعل من العيد في أذهانهم حدثٌ يجب ألا يمر عليهم مرور الكرام وإنما حدثٌ يجب أن يعيشوه بسعادة حتى ينتظروا قدومه في كل سنة فمن حقهم علينا أن نسعى بقدر ما نستطيع إلى زرع الابتسامة على محياهم والفرح في دواخلهم.

إن العيد الذي هو في حقيقته مناسبة دينية نحتفل بها عقب شهر كريم حافل بالصلاة والصيام فإن من الواجب علينا أن ننبه أنفسنا وذوينا إلى أهمية هذا العيد والسبب في وجوده وضرورة جعله مناسبة تزيد فيها المودة والحب والتآلف وترك الخصومة والحث على صلة الرحم وهذه كلها معاني من مصلحة أطفالنا إدراكها وتبنيها والعمل على تحقيقها فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر كما يقال وما أجمله من نقش حين تسهل قراءته وتطبيقه والرفع من شأنه وترسيخه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى