كُتاب البوابة

إقحام المفردات الأجنبية عند الحوار باللغة العربية

لقد تطور مجتمعنا كثيراً وأصبحت نسبة الأمية قريبة من الصفر وهذا أمر ينبغي الافتخار به ولكن هذا التطور يواجه تحدٍ مهمٍ يتمثل في القناعة من قبل الكثير من المسؤولين بأن استخدام اللغة الأجنبية وتحديداً الإنجليزية في مختلف مناشطهم العلمية أو العملية هو مظهر يدل على مدى ثقلهم الثقافي والمعرفي ، وقد انتبه إلى هذا الخطأ بعض القياديين يقودهم سمو ولي العهد الذي رغم إجادته للغة الإنجليزية إلا أنه يتفادى استخدامها علناً إلا عند الضرورة وفي هذا السلوك دليل وعي كبير من قبل سموه يُظهر مدى اهتمامه بلغته العربية عند التعامل مع غير الناطقين بها سواءً في حواراته الداخلية أو الخارجية ممّا يظهر دلالة مهمة بأن من يفتخر بثقافته ولغته سيستخدمها في أغلب المناشط والأدوار التي يقوم بها أو يُشرف عليها ولا يعني ذلك إطلاقاً جهله وتراجعه العلمي والثقافي.

وهنا نعود لنقاش عنوان المقال الذي يدعونا محتواه للتساؤل حول ما هي الغاية من استخدام بعض المسؤولين وأصحاب المناصب العليا للمفردات الأجنبية أثناء حواراتهم في مناشط وحوارات لغتها عربية؟ هل يرون في ذلك دليل ثقافة وسعة اطّلاع ؟ أم أنهم يرون لغتهم العربية عاجزة عن التعامل مع العلم أياً كان حجمه ونوعه ومصدره؟.

الحقيقة أن هذه الظاهرة مؤسفة خاصة حين تصدر من ذوي المناصب القيادية الذين نأمل منهم تعزيز مرتكزاتنا الثقافية وإبراز أن لغتنا العربية قادرة على مواكبة التطور العلمي والعملي وعلى مواجهة أغلب تحدياته إلا أن عدم تبني هذه القناعة من قبل الكثير منهم تجعلنا نتساءل هل هم فعلاً يمثلون القادة المناسبون في المناصب المناسبة؟ وسبب التساؤل ببساطة هو وضوح أن من لا يعتز بثقافته ولغته لا يمكن الثقة في أنه قادر على خدمتها والإعلاء من حجم اطلاع وعلم الناطقين بها.

فنحن نرى ونسمع الكثير من المنتمين إلى ثقافات ولغات مختلفة الذين لا يتحدثون إلا بلغتهم الأم كالألمان مثلاً والفرنسيين والصينيين والروس وغيرهم الذين يُظهرون بذلك مدى فخرهم بثقافتهم واعتزازهم بها وهذا ما تفتقده اللغة العربية نتيجة عدم اقتناع الكثير من المتحدثين بها بأنها يمكن أن تواكب وتتعامل مع كافة مظاهر التطور والنماء ، كما أنها تظهر عدم قناعتهم بقدرتها على استيعاب وترجمة الكثير من المصطلحات الأجنبية وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على ضعف إلمام هؤلاء المسؤولين بلغتهم الأم قبل أي أمر آخر وجهلهم بكيفية إظهار إمكاناتها التي يعترف بها غير الناطقين بها عند اطلاعهم عليها ، وهذا ما يجعلنا نرى أن ذلك القصور في حد ذاته شهادة بأننا لازلنا في حاجة إلى تنمية حب الانتماء للثقافة العربية ولغتها والإيمان بضرورة الإلمام بقواعدها وسبل استخدامها.

أخيراً إن من لا يفتخر بثقافته ولغته فسيكون أكثر المسيئين لها وهذا ما يجب تسليط الضوء عليه والعمل على تحييده بل وحتى تجريمه لغوياً ؛ لأن من لا يخدم بلده بإبراز مرتكزاتها اللغوية والثقافية يكون غير جدير بأي منصب يتم تكليفه به وغير مؤهل له مهما بلغت درجته العلمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى