كُتاب البوابة

الأمن البيئي في المنظور السعودي الجديد

إن المتأمل في تاريخ الاهتمام البيئي إسلاميًا يرى بأن هذا الاهتمام تجلّى في الكثير من الجوانب والتعاليم الشرعية ومن الدلائل المهمة على ذلك وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في المعارك التي كانوا يخوضونها، تنهى هذه الوصية عن التعدي حتى على الاشجار في إشارة واضحة على مدى حرص الدين على رعاية البيئة وعدم تقويضها أو التعرض لها، تقول بعض أجزاء هذه الوصية النبوية: “اغزوا بسم الله في سبيل الله من كفر بالله ولا تغدروا ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة ولا تهدموا بناءً” كما تظهر هذه العناية النبوية بالبيئة في قوله أيضاً صلى الله عليه وسلم: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها”.

ولقد ظهر الالتزام بهكذا توجيهات شرعية تجاه البيئة داخل بلادنا مؤخراً وبكل وضوح في رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المسماة “رؤية 2030” بتكليف مباشر من مولاي خادم الحرمين الشريفين وتم ترجمة هذا الحرص البيئي في هذه الرؤية من خلال سنّ الكثير من القوانين والتشريعات التي تُعنى بالبيئة وبكيفية تطويرها وبأهمية العناية بها وحمايتها من قِبَل المواطن والمقيم على حدٍ سواء.

ومن بين مظاهر العناية بالبيئة في حاضرنا الراهن إطلاق مبادرة السعودية الخضراء والتي يُشكل تشجير الصحراء وإعادة تأهيل ٤٠ مليون هكتار من الأراضي خلال العقود المقبلة حجر الأساس في هذه المبادرة كما أن هنالك دراسة وطنية قيد الإعداد لوضع خطة رئيسية تشمل زراعة ١٠ مليارات شجرة كهدف استراتيجي يحقق تحسين جودة الهواء من جهة ومن جهة أخرى يحد من العواصف الغبارية والرملية ويعزز قضية مكافحة التصحر وخفض درجات الحرارة.

إضافة إلى هذه الجهود تم إنشاء قوّة خاصة أمنية مهمتها الرئيسية مراقبة أي تجاوز يتم على البيئة وينال من أهمية الحفاظ عليها أُطلق على هذه القوّة مسمى “القوات الخاصة بالأمن البيئي” والتي ساهمت في ضبط الكثير من التجاوزات البيئية كعملية الاحتطاب الجائر وغيرها من التجاوزات.

ولقد تم تتويج هذه الجهود البيئية مؤخراً بعقد معرض دولي داخل السعودية في عاصمتها الرياض معني بقضايا البيئة برعاية سمو ولي العهد تحت مسمى “المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير” والذي نظمه المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالتنسيق والتعاون مع وزارة البيئة ولقد شارك في هذا المعرض أكثر من ٩٠ متحدثاً من ٢٠ دولة ومنظمة ساهموا جميعاً في تلاقي الرؤى والخبرات وتتلاقح الآراء والأفكار حول كيفية توسيع الغطاء النباتي ومكافحة التصحر وكذلك في استعراض أحدث تقنيات التشجير.

إن هذا الاهتمام البيئي في واقعنا الراهن من قِبَل قيادتنا الحكيمة يدل وبشكل لا لبس فيه على مدى إدراك هذه القيادة لأهمية الحفاظ على البيئة والفوائد الضخمة التي من الممكن تحقيقها في هذا الجانب ما يعزز الثقة في رؤية سمو ولي العهد التي وكما نعلم تشمل اهتماماتها الكثير من الجوانب الاقتصادية والأمنية بمفهومها العريض ومن ضمنها الاهتمام بالبيئة في انسجام تام مع توجيهات الدين من جهة ومع تطلعات القيادة من جهة أخرى ممّا يؤكد حجم الطموحات والتطلعات التي يسعى ولاة الأمر لتحقيقها وهذا ما يجب أن يدفعنا كمجتمع لمساعدة هذه التوجهات والمساعي الحكومية على التحقق والقيام بكل ما من شأنه الإسهام بشكل فعّال في العناية بهذا الاهتمام البيئي من لدنها من خلال الالتزام بالأنظمة البيئية والتوجيهات المتعلقة بها فنحن سنكون بعون الله حال قيامنا بذلك أول المستفيدين من اظهار هكذا إلتزام وعناية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى