كُتاب البوابة

إلى كركلا مع التحية

إن كان للفن اسم فهو بلا أدنى شك “مسرح كركلا الاستعراضي ” فإلى مؤسسيها وصانعي بهجتها، تجولون العالم بإرثكم، تحملون الرسالة الأسمى، تتعلمون الفن وتتقنونه، أدهشتني لوحة “الدحة”، فهمت في لحظتها أن الفن حين يُتقن يُصبح دواءً للروح، لذا تميزتم وأجدتم “الخطة”.
في عرضكم المسرحي المنتهي أمس لـ”جميل بثينة” ذهبت معكم في رحلة عبر التاريخ مرورًا بالحاضر، ووصولًا إلى المستقبل، استطعتم أن تصوروا كل شيء، جميع الأحداث ذات الأهمية في تلك العصور، ولكن يا ترى بماذا؟ من لم يحضر العرض سيظن بأنها الحوارات، نعم الحوارات فلا سواها، الكلمة وما أقواها، لن يتخيّل من لم يحضر أنكم صورتم كل شيء بالرقص !! نعم ؛ الرقص ولا سواه، أعرفُ خشبة مسرح الجامعة جيدًا، وكيف لي لا أعرفها وهي التي احتضنت أُولى العروض المسرحية قبل بضعة أعوام، وبدأنا حينها نتنفس الفن، لم أُفوت عرضًا مسرحيًا على هذه الخشبة، ليس لأن كل ما يعرض مُذهل ؛ بل حبي للمسرح ومايعنيهِ لي ، لم أرى تلك الخشبة بهذه الروح المفعمة بالحياة كما رأيتها أمس، وفرقتكم تتمايل وتتراقص وتطير عاليًا على أعتابها، لربما ضرب أقدام راقصيكم جعلها تصحو من سباتها الطويل، بثيتم الروح في هذه الخشبة، ألم أقل لكم في مقدمة حديثي “أجدتهم الخطة”، فأنتم صامتون وأجسادكم تتحدث، تمررون ما تشاؤون من الرسائل بأنواعها، ثقافية، سياسية، اجتماعية ، أنتم ناجحون فعلًا ، فقبل ٤ أعوام إن لم تخنِّي الذاكرة، شاهدت لقاءً تلفازيًا مصوراً لأحد أعضائكم الكرام، معلقًا على عرض قدمتموه في جمهورية الصين، قال بالمعنى الحرفي : “سنغزي العالم بتراثنا” في وقتها ضحكت بتهكم، تراثنا !! هه يا له من متغطرس، أي تراث هذا الذي يعنيه، فتراثنا محصورٌ في برهة من الوقت عندما تمرُّ بنا مناسبة اجتماعية نتذكره فيها، ولوهلة ظهر أمامي هذا الشخص وهو يتراقص بجرأة مما جعل الحضور يرافقه بالتصفيق في كل مرة يظهر بها مجددا وكأنه الدخول الأول، نعم ؛ فقد غزاني، وصل إليّ وفي عاصمتي وعلى مسرح جامعتي، وبلا إدراك كُنت أصفق ولحُسن حظي كان موقعي قريبًا من خشبة المسرح، لذلك بدأت في تمييز ملامح وجهه، هل هذا هو الشخص الذي تهكمتُ على قوله قبل أعوام؟ ها أنا اليوم أُصفقُ له !!

ليس بسلاح الكلمة، بل بلغة أجسادكم، لبستم هندامكم، وأغلقتم أفواهكم وغزيتم العالم بلغة أجسادكم، يا لكم من بارعين، فهنيّا لنا بأننا في عصركم، وشاهدنا ما تقدمون من فن متفرد، اخترتم المسرح خيلكم الأصيل وامتطيتموه وانطلقتم، من أعماق قلبي أتمنى استمراركم، أريد أنا أراكم لوقت طويل من الزمن، فالحكايا مازالت كثيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى