المسؤول بعد الترجل عن صهوة منصبه
تقلد المناصب الرفيعة حق مشروع ومطلب وجيه وحاجة ضرورية لكل موظف ؛ ولكن حتى يتحقق ذلك لابد من توفر عدة عوامل في البيئة التي يعمل بها الموظف وبالطبع تتنوع هذه العوامل من موظف لآخر ولكنهم يتفقون على أهم عامل ألا وهو ضرورة توفر بيئة عمل جيدة تكون صحّية للموظف حتى تُرغّبه في الاستمرار في العمل لدى الإدارة أو المؤسسة التي يعمل بها وحتى تُوجد عنده رغبة تقديم عمل مميز ذي جودة ونوعية عالية وتعزز عند الموظف أيضاً عملية الانضباط الوظيفي وإدراك مدى أهميته.
وجميع هذه العوامل مجتمعة متى توفرت فإنها ستخلق عند الموظف حافز كبير لتحقيق طموحات وتطلعات وظيفية مشروعة أهمها الترقي في مساره الوظيفي وصولاً لاحتلال منصب رفيع يلبي رغباته الوظيفية والشخصية ويخلق له سمعة وجاه في جهة عمله تحفزه وتمنحه دافع مادي ومعنوي يرضي غروره الإيجابي ويرفع من معدل ثقته بنفسه.
وحين يتحقق للموظف تقلد أي منصب قيادي فإنه يدخل مرحلة جديدة في حياته المهنية والشخصية تحتم عليه أن يكون أحد نوعين ، إما نوع إيجابي يخلق علاقة جيدة مع مرؤوسيه يكون عمادها المهنية والإنصاف والتعامل الحسن ومعاملة الجميع معاملة واحدة بحيث يكون على مسافة إحدى الجميع لا محاباة فيها لطرف دون طرف وإما أن يكون نوع سلبي يتسبب في إيجاد بيئة عمل طاردة ومنفّرة تسودها المحسوبية وسوء المعاملة وعدم العدل بين الموظفين الأمر الذي يجعل منه شخصية منبوذة في الإدارة التي يرأسها ومكروهة فيتسبب ذلك بالتالي في انخفاض جودة وإنتاجية عمل موظفيه ويتسبب أيضاً في خلق بيئة عمل تكثر فيها الخلافات والصراعات بين الموظفين وما يزيد الطين بلّة كما يقال إن هذا النوع من المسؤولين تجده أحياناً لا يهتم بمثل هذا التراجع في إدارته وإن اهتم به فإنه يقف عاجزاً عن إصلاحه وتقويم مساره.
وغالبية هؤلاء المسؤولين لا يعون حجم أثرهم السلبي أو الإيجابي على موظفيهم إلا حين يغادرون منصبهم فإن كانوا حسني السمعة طيبي الذكر بين الموظفين العاملين في إداراتهم تجد هؤلاء الموظفين لا يذكرونهم إلا بالذكر الحسن بل ويستمر التواصل بينهم في أحيان كثيرة بعد مغادرتهم المنصب بينما أصحاب النوع السلبي سيئي السمعة عند الموظفين تجدهم يفقدون التواصل مع موظفيهم ؛ بل يصل الحال ببعض هؤلاء الموظفين لدرجة التهجم على هؤلاء الرؤساء وذكرهم بما يكرهون حال جمعتهم بهم أي مناسبة اجتماعية أو غير اجتماعية وحينها يدرك هؤلاء المسؤولون مقدار بغض مرؤوسيهم السابقين لهم والمحظوظ من هؤلاء المسؤولين من يتعرف على سبب ذلك وهو الذي يجسده غالباً حرمان أولئك الموظفين من حقوقهم وعدم العدل بينهم والمعاملة السيئة لهم.
إن ما يجب أن يعلمه أي مسؤول أن المسؤولية أمانة وتكليف لا تشريف كما يجب ألا يغيب عن ذهن المسؤول حقيقة أنها لو دامت لغيره ما وصلت إليه مما يجب أن يدفعه إلى إتباع المهنية والعدل والإنصاف عند التعامل مع موظفيه والابتعاد عن المعاملة السيئة لهم مهما كانت الظروف والملابسات لأن من شأن عدم اتباع ذلك ارتداده سلباً عليه في يوم من الأيام ما يجعله حينها يندم ولكن بعد أن يكون قد فات أوان الندم.