كُتاب البوابة

الكتابة روحٌ وفَـن

مخطوطات مدفونة، ومشاعرٌ متدثرَة بين جنبات الحروف، كأَوتارٍ موسيقية لكل ذبذبة منها نغمٌ خاص؛ هكذا نحن والحروف لكلٌ تناغم بين تراكيبها ، يعزفُ على وترٍ مميز، ومفهوم خاص، تمتزج الحروف معا كتراكيب كيميائية ، ولكل مواد بها افتعال محدد، فتتلون الحروف والحركات معا ، حتى تشكّل بها انفجارًا هائلًا من المعارف المتقوقعة بين حروفها، ولا شك أن من أدرك أصل كل جسارة إقدام حرف من وراء ستار الجُمل ، وكيف هو وجدان كاتبها ؟ علم جمٍّا كبيرًا من السرائر وأصل تراكيب كل الأفئدة،وحصد بلاغة شعورية، لا يصل لمرحلتها سوى من تخلى عن نمط الاعتيادية، وغرق في ساحل العبارات والتمتمات الكلامية، وهكذا هي الكتابة بنمط أدبي بليغ، ووصف متباين، فيا عزيزي القارئ، إذا التبس عليك استيعاب مفهوم ما، فعليك النظر إلى نمط انحيازاتك العقلية والوجدانية وعلاما تتطلِّع وتقرأ، فالكاتب ليس كالقارئ مهما بلغ من بلاغة واطلاع، وتذكر أن الغرق في شاطئ بحر الكتابة، ليس كالغرق في قاعه ، ومن غرق بالقاع عليه أن يتجرد عن بعض الدوافع الشخصية، وبالمقابل محال بإذن الله أن لا تلتصق به بعض كنوز البحار؛ وقد يتخذ بذلك بعض المناضلين من الكتِّاب، أساليب دفاعية اتجاه ما يعتليهم من نصِب بين التجادُف في بحر تحرير الشعور بالكتابة، ومنها أن لا يكون عبدًا لأفكاره، ومُعتقداته ، وأن لا تكون لهُ حيل مقاومة من ناحية تغيير نمط التفكير؛ فعندما تتلون حياته بالقتوم ، وتلتبس منها وعراً، ويشعر أن أزهار يافعته قد تبادرت بالذبول، يقف على ساعديه و يسقيها من ماءِ النِضال لتزهر أغصانه مجددًا ، وإذا مرّ الوقت بليداً زاحمهُ ، وملأ ساعاته بالعمل والمثابرة والسباحة بين بحر العلوم والحروف ، فهو يُقدّر أن وقتهُ من ذهب، ولربما يتمناهُ من فقدوه أن يشتروه بأبخس الأثمان، فالحياة عندهُ واسعة وعلى وسعها قد تصيبك تارةً بالملل، متفاوتة الحِيل ، وقد تلبسك يوماً من شتاتها ، فهو لا يتأمّل بها كثيراً ولا يثق بها بل يثق بنفسه ومدى كفاحه وصراعه معها ويكون لها نِعم المُنضال الّذي يطرحها بعزمه وصبره ومابعد ذلك ؛ إلا أن يرتقي بمكانة، ويتعلم منها و يعاود النهوض من جديد، ومن تغيير نمط اعتقاداته عليه أن يزاحم أوقاته بوضع ركائز معينة وهدفاً واضحًا يستميت لتحقيقه ، ولا يستهدف بالكتابة أساليب تشويه ، أو أن تكون جل غايته مادية ، فهذا قد يُوطِّن به شعور التكابر وبذلك سيتخلى عن أخلاقيات الكاتب الأديب الراسخ، فكن بذاتك وعباراتك مختلفاً ومميزاً وليكن من اعتبارك بها أن تترك بها أثراً حسناً وبصمة خيرٍ مطبوعة من ساعدِيك على أذهان الأنام، فلعلك تحيي بعبارتك، قلبًا كظيمًا وعقلًا مشتتا ، وروحًا ذابلة .

في الختام كُن بمواهبك وكلماتك ساعيًا جبّارًا وجِابِرَا؛ وليكن شعارك :
“فاقصد إلى قمم الأشياء تدركها
تجري الرياح كما رادت لها السفنُ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى