كُتاب البوابة

لسنا فقراء

لم يكن الفقر عيباً، وما كان سبباً في علو شأن مرءٍ أو دنوه، بل يزداد صاحبه شرفًا و تفضيلاً، فأصحاب الفاقة يدخلون الجنة أولاً، رغم فقرهم تجدهم أكثر أبناء آدم كرماً.

فالفقير ليس فقير المال، ولا ذاك المعدم الحافي دون نعال، ولا ذو الرداء المرقع الذي امتلكه بعد نضال، بل الفقير من جعل لفتوحات الله له سدّاً، ووهب نفسه للمال عبداً، وجعل ماله للصدقة ندّاً، ويقضي يومه يعُدّ المال عداً، فما أكرم زوجًا ولا ولداً الغني من أعطى لمسكينٍ أو فقير، وبدّل عُسر محتاجٍ إلى تيسير، وأعطى السائل دون إذلالٍ أو تنفير، لا يهم إن لم يملك الفقير لؤلؤاً أو مرجان، ولم يملك في بيته حديقةً أو بستان، بل جلّ ما يهمنا أنه أخونا الإنسان، ويستحق منّا كل الاحترام والامتنان، فليس من حقّنا أن نهينه ونؤذيه، لكونه فقيراً ليس لديه منزلاً يُؤويه، ولا عملاً دائمًا به يكتفي، أو لحافاً دافئاً عليه يرتمي، حتى وإن كان معدمًا فإلينا ينتمي.

فكما قيل “دوام الحال من المُحال” لربما يتبدل الحال من حالٍ إلى حال، فيتحول الغني إلى مُعسِر، ويصبح الفقير مُوسِر، فإن خُلِقت غنيّاً فانفق واعمل بِرّا، وإن خُلِقت فقيراً فاشكر لربما هو خيرا، فكم مِن أمرٍ رفضناه وفي باطنه خيراً، وكم مِن أمرٍ أردناه وفي باطنه شرّاً، فالله وحده العالِم، لذا لنترك تدابير حياتنا لربنا العالِم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى