من ضحية إلى مريض.. التعلق المرضي

لا تزال قضية الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب تثير الرأي العام بشكل كبير، ففي بضع أسابيع تحولت من ضحية إلى مريضة تعاني من التعلق المرضي بحسب رأي الجمهور، فماذا تعرف عن هذا المرض؟ وهل هو مؤذي؟، وكيف يمكن علاجه؟
التعلق المرضي
يمكن تعريف التعلق المرضي بأنه اضطراب لكنه نابع من نوايا حسنة وقلب طيب، يعيش فيه المرضى بحالة من السلوكيات القهرية التي تظهر على شكل غير صحي أو سوي وذلك بقصد تلبية احتياجات عاطفية لديهم.
التعلق المرضي مكتسب أم فطري؟
التعلق المرضي غير فطري، أي أن الإنسان لا يولد ومعه تعلق مرضي، على الرغم من أن الطفل يتعلق بوالدته بمشاعر طفولة وأمومة كبيرين، إلا أنه ينفصل عنها لتبرز شخصيته التي تكونت، إلا أن التعلق المرضي مكتسب وقد يكتسبه الفرد منذ الطفولة.
وربما من أبرز الدلائل على وجود تعلق مرضي هو أن أحد الأبوين مصاب به، أي أن العائلة بشكل عام تعاني من خلل معين وأفرادها يعانون من تعلق مرضي بالمحيط كالأخوة أو الأصدقاء أو الأبوين.
ظالمون أم مظلومون؟!.. المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي
أعراض التعلق المرضي
هناك أعراض كثيرة تظهر عند وجود تعلق مرضي ونذكر لكم منها:
- قلة الثقة بالنفس، وعدم احترام الشخص لنفسه.
- مصاعب يواجهها الشخص عند اتخاذ القرارات خاصة القرارات الحاسمة والمصيرية.
- لا يستطيع هذا الشخص التعبير عن مشاعره بشكل مباشر وواضح.
- على الرغم من أن التعلق هو مرضي إلا أن الشخص يعاني من صعوبة في التواصل مع الأشخاص الآخرين والمحيطين به بشكل كبير.
- الرغبة بالانعزال بشكل دائم.
- تغيّر المزاج بوقت قصير.
- الحاجة الدائمة إلى الاهتمام.
- الخوف من فقدان الشخص الآخر.
- مشاعر الملل يرافقها شعور أن المحيط يخذله ولا يرحب به.
التعلق الطبيعي والتعلق المرضي
قد تتداخل المفاهيم ما بين التعلق الطبيعي والمرضي لاسيما عندما يختلط مفهوم الاهتمام بينهما، فالتعلق الطبيعي دافعه الأساسي هو الحب، وهو يسير في اتجاه محدد وسوي وسليم، كما أنه ينتج عن علاقات اجتماعية ضمن محيط اجتماعي صحيح، ومن أبرز الأمثلة على التعلق الطبيعي هو تعلق الأم بمولودها، وهو طبيعي وسليم دافعه مشاعر الأمومة والدور الاجتماعي الذي تحضرت له الأم وحاجة الطفل لها في هذه المرحلة.
أما التعلق المرضي فهو يبدأ من مرحلة انعزال الأم عن العالم المحيط بها، وملازمتها للطفل وعدم السماح لأحد بالاقتراب منه وشعورها بأنها الوحيدة التي تحميه وتخاف عليه وحتى أنها لا ترغب بتكوين صداقات له.
وهنا ينشأ نوعان من الأطفال، الأول طفل سليم المنشأ والتربية وسط جو صحي طبيعي واجتماعي فينمو الطفل ويخف تعلقه وحاجته لوالدته ويبدأ التعلق بوالده ومن م يدخل بمرحلة المراهقة ويحب أصدقائه وهكذا إلى أن يصبح شاباً ومسؤولاً عن تصرفاته.
أما الطفل الآخر فينشأ في جو من العزلة يخاف الابتعاد عن أمه وهي تخاف عليه من أي شخص ويكون منعزلاً عن العالم المحيط به وعن الوسط الاجتماعي السليم الذي يكون من خلاله شخصيته.
أسباب التعلق المرضي
من أبرز أسباب التعلق المرضي هو وجود خلافات أسرية بين الأبوين، وهذا ما حدث مع الفنانة شيرين التي تعيش في جو أسري مشحون بالطاقة السلبية والتوتر والخلافات مع شقيقها، ومن ثم كان اختيارها لشريك حياتها الأول خاطئ وأدى إلى الانفصال، مما دفعها للبحث عن الحب والأمان، فلجأت إلى الشخص الذي أشعرها بالحب.
كما أن من أبرز أسباب وجود تعلق مرضي هو عدم التعبير عن المشاعر، وكبتها لفترات طويلة، مما يشكل ردّ فعل عكسي بتصرفات غير دقيقة وغير محسوبة النتائج، وخاصة عندما يكون هذا الكبت ناشئاً مع الطفل ووالديه، فلا يعبران له عن حبهما له، ولا يستطيع التعبير لهما عن حاجته إليهما وحبه لهما، ويصبح بحاجة لأي شخص غريب يستطيع التعبير له عن مشاعره المكبوتة والعميقة والصادقة أيضاً.
خاتمة
كلنا بحاجة الحب والشعور بالاحترام والتقدير والأمان، إلا أن هذه الحاجة تنقلب إلى كارثة عندما تكون هناك علاقة غير متكافئة بين الأطراف، فنتعلق بأشخاص يسببون لنا المشاكل والمتاعب الجسدية والنفسية والعاطفية، لكننا نقع ضحايا التعلق الكبير ولا نستطيع التخلي عنهم ولا اتخاذ قرارات جدية وهامة ومصيرية في الابتعاد، وربما هنا يكمن دور الأسرة في إعادة التوازن إلى حياة الأبناء ومنحهم الأمان والشعور بالحب واحتضانهم لحين انتهاء الأزمات وعدم تطورها إلى كارثة أكبر قد لا يحمد عقباها أبداً.