تحليق دون جناحَين .. هزل التنمية البشرية يتحدى الممكن
هل سبق وأن قرأت كتاباً حول ماتروّج له التنمية البشرية بحثاً عن حل لمشكلتك؟ هل زارك اليأس ولجأت لإحدى محاضراتها بغية التفاؤل بالمستقبل الموعود؟ ماذا تعرف عن المحاضرات والندوات التي يقيمها مدرّبوا التنمية؟ وهل راودك شك بمدى فاعليتها؟ خاصة مع انتشار الدورات والورش التطويرية في المملكة العربية السعودية وحول العالم.
مابين السؤال والإجابة لابد من الوقوف عند اختلاف الآراء بين مدرّبي التنمية البشرية ومايراه علماء النفس، لنترك لك حرية اختيار الرأي الأصح والطريقة المثلى للوصول إلى النجاح الحقيقي ومعرفة كيفية تحقيقه.
قشور نجاح وهمية
تفكير إيجابي، لاشيء مستحيل النجاح سهل وجمع الثروة أمر يسير جميعها محاولات إقناع ونصائح كاذبة لاتمتّ الواقع بصلة..نعم تلك أكاذيب التنمية البشرية التي تحاول إقناعكم بالنجاح الوهمي.
من يرى أن النجاح سهل فهو يكذب على نفسه، مامن ثروة تجمع من فراغ هذا ماخلص إليه علماء النفس.
حسب ماأكد العلماء أنّ نصائح التنمية البشرية وأساليبها التحفيزية ليست سوى أكاذيب مغلفة بقشور نجاح وهمية.
كما لفت علماء النفس إلى أن العديد من استراتيجيات التنمية البشرية فارغة لاجدوى منها سوى تدمير الدافع الحقيقي لإنجاز العمل بالتالي القضاء على الحلم.
فهناك أكاذيب منمقة تعتمدها التنمية البشرية بعناوين عريضة مرتبة جذابة كمفاتيح الثروة، لاشيء مستحيل، لاتستسلم وغيرها.
التنمية البشرية والنجاح الوهمي
لديك على سبيل المثال خدعة التفاؤل يجذب النجاح إليك ..
كثيراً ماتسمع تلك الكلمات الإيجابية في جميع محاضرات التنمية البشرية، حيث يرمي المدرب بهذه الكلمات عقل المتلقي ليبرمجه نحو الاستمتاع بالأهداف الوهمية والبعد عن الواقع، إلا أنّ لتلك الأكذوبة وفق مابيّن علماء النفس أثر مدمر على الحافز للنجاح.
الكثير من الدراسات أثبتت أنّ التفكير السلبي ليس بالضرورة أن يأتي بنتائج سلبية بل على العكس من الممكن أن يؤدي ذلك لتحفيز العقل نحو زيادة الإدراك والانتباه مع التفكير بكل خطوة على حدة وبجدية بالتالي التكيف مع كل الظروف.
بينما يكون التفاؤل المبالغ فيه ذي أثر سلبي، فهو يقتل لذّة الوصول بالجهد عبر الاستمتاع الوهمي والإشباع النفسي في الغد الغير محقق بعد.
وهو ما يؤدي إلى حرق خطوات هامة لم ينتبه لها المشبع بالأوهام والمتلذّذ بالوصول الوهمي ، وهذا يحدّ من تقدّمه ويجعلهمذ حبيس التفاؤل غير المجدي، نجاح بلا جهد وهو مايروج له مدربو التنمية.
لم تتوقف محاولات مدربي التنمية عند هذه الأكذوبة بل صنعت ونمّقت أكاذيب على شكل نصائح تبعث فرحة النجاح في نفس المتلقي دون تحقيقه.
هل تعلم سبب تسمية الشهور الميلادية؟
المديح يدمر أم يبني؟
كلمات المديح والثناء وفق مايرى خبراء التنمية تجلب النجاح وتزيد من الإصرار على إثبات الذات والعمل.
بينما يخالف علماء النفس الرأي بتأكيدهم أنّ المديح المبالغ به يؤدي إلى دمار العمل وعدم الاستمتاع بإنجازه.
المال وعلاقته بالنجاح
فيما تكمن الخدعة الثالثة بإقناع المتلقي أن المال ليس مهماً ولاعلاقة له بالنجاح، في حين يثبت علماء النفس عكس هذه المقولة.
حيث استشهد خبراء النفس بما خلص إليه العلم وهو أن المكافأة المالية تحفز الدماغ مايؤدي إلى زيادة الإنتاجية.
عدم الاستسلام خدعة
لاشك أن الكثير من عبارات التنمية البشرية تلعب على وتر التحفيز الوهمي كجملة لا تستسلم التي تتردد في كل المحاضرات.
حيث يعتقد خبراء التنمية أن التمسك بالأهداف حتى وإن كانت صعبة المنال تجعل الوصول إليها ممكناً، وهذا مايتعارض مع النتيجة التي خلص إليها الباحثون وهي أنّ التخلي عن بعض الأهداف صعبة المنال وإعادة التفكير فيها لها أثر إيجابي.
كما أوضح الباحثون أن التخلي عن بعض الأهداف غير ممكنة التحقيق يشعر أصحابها بسعادة أكثر من الذين يتمسكون بأهدافهم دون الرجوع عنها، بالتالي يفقدون متعة النجاح في تحقيق غيرها.
كما يعتقد خبراء التنمية البشرية أيضاً أن الهدف يجب أن يكون كبيراً حتى يصبح النجاح أكبر، وهذا مايتعارض مع رؤية خبراء الموارد البشرية الذين أكدوا أنّ النظر والتركيز على الأهداف الكبير وصعبة المنال تنعكس سلباً على صاحبها.
فقد يفقد المترقب للهدف الكبير وفق مايراه الخبراء شغف الوصول إلى الأهداف الممكنة، فبدلاً من أن يمشي خطوة تلو الأخرى يقفز قفزة خطيرة قد توقع به في شباك الإحباط.
كما لفت خبراء الموارد البشرية إلى أن الوصول للحلم الممكن أجمل من الوقوع في مصيدة الحلم البعيد وحرق خطوات الوصول.
خاتمة
تغفو التنمية البشرية على عبارة أن الاستمتاع في المهام هي سر نجاحها وهذا محض كلام فارغ وفق ماوصفه علماء النفس، حيث أكد العلماء أن سر النجاح هو الوقوف عند نقاط قوتك وضعفك وليس بالاستمتاع وحده.
فمعرفة نقاط القوة وتطبيقها على عملك هي سر نجاحة، بالتالي المعرفة والجهد والتعب أسرار النجاح، بعيداً عن هزل التنمية البشرية، وهكذا يتضح لنا أن هناك اختلاف كبير وانتقادات كثيرة تطال التنمية البشرية ومدربيها، فما رأيك أنت هل التنمية البشرية مجدية أم محض كلام فارغ؟؟.