ملامح العلاقات الصينية الإسلامية بدأت تتجلى بوضوع مع انعقاد القمة الصينية السعودية، والتي تجري ما بين جمهورية الصين الشعبية وما بين المملكة العربية السعودية، فكان لا بد لنا من الحديث عن العلاقات ما بين الصين وما بين الإسلام، لا سيما أن هناك آراء متعددة حول هذه المسألة، فعلى الرغم من أن جمهورية الصين الشعبية دولة متعددة الثقافات والحضارات، إلا تاريخ علاقاتها من الدول أو الأمة الإسلامية مرت بالعديد من التجارب والاتجاهات.
العلاقات الصينية الإسلامية مسألة قسمت العالم إلى اتجاهين مختلفين، فاتجاه من يرى أن التعاون الصيني الإسلامي جوهري لتحقيق مصالح الطرفين، ويذهب هذا الاتجاه إلى الاعتقاد بأن الصين والأمة الإسلامية لهما مصالح مشتركة وتحديات مشتركة أيضاً.
كما أثبت أصحاب هذا الاتجاه أن الأمة الإسلامية لم تستطع الحفاظ على وحدتها كما فعلت الصين التي حافظت على وحدتها فمن لم يسمع منا شعار الصين واحدة.
بينما يوجد في الميل الآخر اتجاه معاكس يرى أن التعاون الصيني الإسلامي بعيد المنال ولا أمل منه بل ويعتقد أيضاً أن الصين تشكل تحدياً واضحاً للعالم الإسلامي.
معتبراً أنه لا توجد مصالح مشتركة تجمع الطرفين، حيث يعزو رأيه إلى دعم الصين لعدة أنظمة عربية وأخرى شيوعية تمارس الاضطهاد ضد شعوبها على حد تعبيره.
العلاقات الصينية الإسلامية
متى بدأ اتصال الأمة الإسلامية في الصين ؟ وكيف بدت تلك العلاقات ؟ وماهي الصورة التي أخذتها تلك العلاقات؟ وماهي نظرة الصين للعرب سابقاً ؟
إجابات هذه الأسئلة ومعلومات أعمق ستجدها في سطور مقالنا.
حدود الفتح الأول
الفتوحات الإسلامية وانطلاقتها القوية جعلت حدود الصين في متناول المسلمين سريعاً، فكما نعلم أنّ فتح بلاد الترك ودخول عاصمة إقليم تركستان كاشغر قد تم قبل نهاية القرن الأول الهجري.
إلا أن الصين قد تصرفت بحكمة فطلبت مهادنة الدولة الإسلامية فضلاً عن تقديمها الجزية بالتالي رسمت الحدود الصينية الإسلامية على هذا الأساس دون دخول المسلمين فاتحين لها.
بعد رسم حدود الصين والدولة الإسلامية، شهدت العلاقات الصينية الإسلامية تعاوناً تجارياً وحضارياً وبقيت الأوضاع سلمية بين الطرفين، مع نشوب حروب عابرة ليست جديرة بالذكر، وكان فتح كاشغر آخر الفتوحات في المشرق.
إليك أقوى سيارات رؤساء الدول.. الشعار الأول للدولة
معارك كبرى
شُكّل في بلاد ما وراء النهر حلف صيني تركي ضد الدولة الإسلامية، حيث قام هذا الحلف بمهاجمة ملك الشاش إلا أنه استنجد بالمسلمين الذين لبوا النداء، لتقع معركة “موقعة طلخ” التي انتهت بانتصار المسلمين والسيطرة على الوضع وإعادته لما كان عليه، وكان من تبعات المعركة أيضاً قيام الصين بإلغاء دعمها للترك.
الصين بقيت وراء الكواليس لمدة أربعة قرون ليقوم ملكها بعد ذلك باحتلال كاشغر متعاوناً مع قبائل “الخطا”-522هـ الذين سيطروا على تركستان واستمروا بزحفهم نحو بلاد ما وراء النهر لتقع معركة كبرى بين المسلمين وتحالف الصين والخطا وغيرهم، وانتهت تلك المعركة بفوز التحالف على المسلمين.
ثم ظهر الغزو المغولي الذي فرض تغييراً جذرياً على العلاقات السياسية بين الدولة الإسلامية وأطرافها، فيما أمر كاتب السلطان برقوق بإلغاء الاتصال بين عاصمة الخلافة مصر والصين.
الاتصال الصيني الإسلامي السياسي
قامت العلاقات الصينية الإسلامية السياسية في زمن الخلافة العباسية وفق ما تورده العديد من المصادر، فالتاريخ الصيني يؤكد تسجيل سفارات عربية عديدة إلى الصين، وسجل التاريخ الإسلامي أيضاً سفارة لأبي جعفر المنصور تحوي خيولاً عربية وغيرها من الهدايا النفيسة.
هيبة العرب المسلمين كانت حاضرة بقوة لدى ملوك الصين في ذلك الوقت، فهم اعترفوا بعظمة ملك العرب حيث أجمعوا على أنه ملك الدين الأكبر، كما شهدوا بتفوقه عليهم على مستوى الجمال والمال.
كما يذكر التاريخ أن ملك الصين استنجد بالدولة العباسية بعد وقت قصير من مواجهتها ضد متمردين عليه، ليلبي المسلمون النداء بإرسال آلاف الجنود الذين استطاعوا القضاء على التمرد والبقاء في الصين.
خاتمة
وهكذا نرى أن العلاقات الصينية الإسلامية مرت بخضات كثيرة جعلت منها مسألة غامضة في بعض الأحيان، إلا أن الشيء المتفق عليه هو تأثير ضعف الخلافة ببغداد على تطوير العلاقات بين الطرفين.
إلا أن بعض الانتكاسات في العلاقات الصينية الإسلامية لا تنفي أهمية الآخر أو أهمية كلاهما بالنسبة للآخر، فالصين دولة اقتصادية قوية ولا تقل أهمية عنها المملكة العربية السعودية في حيث ستكون القمة بينهما ذات نتائج بارزة بالتأكيد للطرفين