دراسة: بقاء الأطفال بالمنزل بعد ارتجاج دماغي ليس العلاج الأفضل
توصلت دراسة جديدة إلى أن إرسال الأطفال إلى المدرسة بدلاً من البقاء في المنزل والراحة، قد يكون طريقة أفضل لمساعدتهم على التعافي بشكل أسرع من ارتجاج في الدماغ.
واكتشفت الدراسة، التي نُشرت في مجلة “JAMA Network Open”، الجمعة، أنّ العودة المبكرة إلى المدرسة، ارتبطت بنتائج أفضل لبعض الأطفال.
وراجعت الدراسة بيانات 1630 طفلاً تراوحت أعمارهم بين 5 و18 عامًا توجهوا إلى تسع غرف طوارئ مختلفة في أنحاء كندا. ورأت أنّ الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عامًا الذين كانوا يتعافون من ارتجاج في الدماغ، ارتبطت عودتهم المبكرة إلى المدرسة، خلال يومين أو أقل، بأعراض أخف على الأطفال بعد مرور 14 يومًا على إصابتهم. ولم تكن هذه حال الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و7 سنوات.
أما المرضى الذين اتبعوا التوصيات الخاصة بعودة أبطأ إلى النشاط الدراسي، مثل عدم إرسالهم إلى المدرسة ومنعهم من استخدام الأجهزة الإلكترونية، فاستغرقوا وقتًا أطول للتعافي، وظهرت عليهم أعراض أكثر بعد مرور 10 أيام على الإصابة كمعدل وسطي مقارنة بمن لم يتّبعوا هذه الخطوات.
وكانت دراسات سابقة بيّنت أنّ القيود المطوّلة بعد التعرّض لارتجاج دماغي تزيد من خطر إصابة الطفل بالاكتئاب والقلق. ويعتقد الباحثون أنّ العلاقات الاجتماعية، تخفّف من التوتر الناجم عن الشوق للمدرسة، وأنّ العودة إلى النوم الطبيعي، والجدول المدرسي قد تلعب دورًا بمساعدة الأطفال على التعافي بشكل أسرع. كما أن الأنشطة البدنية الخفيفة إلى المعتدلة تساعد الطفل على التعافي على نحو أسرع.
وقال الدكتور كريس فوغان، مؤلف الدراسة، إنه منذ حوالي عقد من الزمن، شجع الأطباء الأهل على إراحة أطفالهم والحد من نشاطهم الدماغي، بهدف مساعدتهم على التعافي لفترة زمنية أطول.
وأوضح فوغان، اختصاصي علم النفس العصبي في مستشفى الأطفال الوطني، أنه “لم يكن في حوزتنا بيانات جيدة حول هذا الأمر. لكن بدا كأن هذا هو الأمر الذي يفترض القيام به لأننا كنا نساعد الأطفال على تجنّب الأنشطة التي تسبب الأعراض، كنا نبذل أقصى جهدنا للسيطرة على الأعراض، حتى أصبح هذا الأمر نوعًا من معايير العلاج”.
لكن، بحسب فوغان، فإنه كان هناك ثمة تحوّل في السنوات الخمس أو الست الماضية، وبات التفكير بأنه بعد اليوم الأول أو الثاني من الراحة، قد يكون بعض النشاط مفيدًا للتعافي.
وأضاف: “ما زلنا نأخذ التعامل مع الارتجاجات الدماغية على محمل الجد”.
ورأت الدكتورة سوزانا بريسكين وهي طبيبة بالطب الرياضي في مستشفى كليفلاند للأطفال والرضع في أمريكا غير المشاركة في هذه الدراسة، أنّه “في الماضي كنا نقوم بما يطلق عليه الكثير من الناس اسم علاج الشرنقة، حيث تضع طفلك بداية في غرفة مظلمة، وتحد من استخدام وسائل التحفيز، وتتركه يخلد للراحة. لكن ما أدركناه أن عزل الأطفال إلى هذا الحد أدى في الواقع إلى إبطاء عملية التعافي من الارتجاج الدماغي”.
وعاد رقاص الساعة إلى حيث يحاول الأطباء تشجيع الأطفال على الاستمرار بالمشاركة قدر الإمكان، وإرسالهم إلى المدرسة في أقرب وقت.
وأشارت بريسكين إلى أنها تقول “للعائلات إن أهم شيء يتمثل بتجنب ممارسة أي نوع من الأنشطة يمكن أن يضرب فيها الطفل رأسه مجددًا خلال تعافيه، لكن من المهم التحرك، وليس مجرد الجلوس”.
ولفتت إلى أنّ الدراسة تكمل ما يفعله بعض الأطباء فعليًا، موضحة: “لكن ربما كانت هذه أقرب عودة (إلى الحياة الطبيعية) رأيناها مفيدة”. وبحسب ما ذكرته بريسكين، فإنّ الأطفال غالبًا ما يبتعدون عن المدرسة لمدة أسبوع تقريبًا بسبب ارتجاج في الدماغ.
وتابعت بريسكين: “بناءً على هذه الدراسة، سيكون هذا الأمر مضرًّا بالحقيقة في مسار شفائهم”.
مساعدة الأطفال المصابين بارتجاج الدماغ
وسيشعر غالبية الأطفال الذين أُصيبوا بارتجاج دماغي بتحسن خلال أسبوعين، وفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، لكن بالنسبة لبعض الأعراض يمكن أن تستمر لمدة شهر أو أكثر.
ولفت الأطباء إلى أنّ مجرد أنهم يعانون من بعض الأعراض لا يعني أن عليهم البقاء في عزلة، لكن الأطفال قد يحتاجون إلى أماكن إقامة. وأوضحت بريسكين أن الأطفال غالبًا ما يكون لديهم حساسية على الضوء والضوضاء بعد تعرضهم لارتجاج، وقد يشعرهم التفكير والتركيز بالسوء.
وأشارت بريسكين إلى أننا “نحاول قدر الإمكان تخفيف العبء عن طريق جعل الأطفال يأخذون فترات راحة من الفصول الدراسية إذا احتاجوا للخروج. ولدينا أفراد يرتدون نظارات شمسية إذا كانوا يعانون من حساسية تجاه الضوء. وإذا كان لديهم حساسية عالية على الضوضاء، فإننا نحاول تجنيبهم البيئات الصاخبة، مثل فصل الموسيقى، أو حتى قاعة تناول الطعام أو التجمع”.
وفي الدراسة، كان الارتباط بين العودة المبكرة إلى المدرسة وعدد أقل من أعراض الارتجاج أقوى لدى أولئك الذين أبلغوا عن وجود عدد أكبر من الأعراض. وبداية. تشمل الأعراض النموذجية الشعور بالدوار، والصداع، والغثيان.
وتوصي غالبية الإرشادات الأشخاص الذين يُصابون بارتجاج في الدماغ بالحصول على يوم أو اثنين من الراحة الجسدية والعقلية، ثم العودة تدريجياً إلى الأنشطة المعتادة مع بعض التسهيلات والدعم.
وبالنسبة للدكتور بريت ماركوسين، طبيب بالطب الرياضي الذي يعمل مع مجموعات في جامعة أيوا، وغير المشارك في الدراسة، فإنه من الصعب معرفة سبب اختلاف الأمر بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، بحسب ما كشفته الدراسة.
وتابع ماركوسين: “قد يكون من الصعب عليهم ملء قوائم المراجعة وتحديد ما يشعرون به”.
لكن عمومًا، ثمة أمور يمكن للأشخاص القيام بها لمساعدة الأطفال، أو أي شخص في هذا الصدد، على التعافي من ارتجاج الدماغ: أولاً، يحتاج الأشخاص إلى الحماية من إعادة الإصابة أو من ممارسة الأنشطة التي يمكن أن تلحق ضررًا أكبر برأسهم. وقال فوغان إنه عليهم الحصول على نوم جيد ليلًا، وتناول المياه والغذاء بشكل جيد أيضًا. ويجب أن يمارسوا القليل من التمارين، مثل الذهاب في نزهة مشيًا على الأقدام.