الدراسة والتعليم

مستقبل الطفولة المبكرة في رؤية 2030م

 

اعداد الباحثة: ماجدة بنت تليعان السلماني   طالبة ماجستير    

بإشراف أ.د: حمد عبد الله القميزي  أستاذ المناهج وطرق التدريس -جامعة الأمير سطام

 

مقدمة:

هدفت المملكة العربية السعودية من خلال رؤيتها 2030 م إلى بناء مجتمع قوي ومنتج، من خلال تعزيز الأسرة وقيامها بمسؤولياتها، وتوفير التعليم القادر على بناء الشخصية، وإرساء منظومة اجتماعية وصحية ممكنة، وأوضحت رؤية المملكة 2030م أن الأسرة نواة المجتمع، حيث إنها تمثل الحاضنة الأولى هي للأبناء، والراعي الرئيس لاحتياجاتهم، والحـامي من التفكك.

وأكدت رؤية المملكة 2030م على ضرورة تزويد الأسرة بعوامل النجاح اللازمة لتمكينها من رعاية أبنائها وتنمية قدراتهم وإمكانياتهم، ومن أجل الوصول إلى هذه الغاية فقد عبرت رؤية المملكة 2030م عن ضرورة إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية، والعمل على مساعدتهم في بناء شخصيات لأطفالهم ومواهبهم لكي يكونوا عناصر فاعلة في بناء المجتمع (حماد، 2018).

كما هدفت رؤية المملكة 2030م على أن يحصل كل طفل سعودي – أينما كان – على فرص التعليم الجيد وفق خيارات متنوعة، وأن يكون التركيز الأكبر على مراحل التعليم المبكر، وعلى تأهيل المدرسين والقيادات التربوية وتدريبهم وتطوير المناهج الدراسية، ووضحت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية أنها تستهدف رفع نسبة الالتحاق في مدارس الطفولة المبكرة إلى 95 % في عام 2030 (عمر، 2023م)

فمرحلة الطفولة المبكرة تعد من أهم مراحل النمو وأكثرها أثرًا في حياة الإنسان، حيث يتشكل فيها معظم نموه العقلي والنفسي والاجتماعي، ومن المؤكد أن تقدم الأمم ورقيها يقاس بمدى اهتمامها بمرحلة رياض الأطفال، فهي تعد من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان، نظراً لكونها مرحلة حاسمة وأساسية في تكوين شخصية الطفل في المستقبل، ويكتسب الطفل بهذه المرحلة الكثير من المهارات والقيم والاتجاهات تبعاً لأساليب التنشئة التي تحيط به (وزارة التعليم، 2015).

وتشكل مرحلة الطفولة المبكرة أهم المراحل الحيوية لنماء الطفل وتطور قدرته على التعلم في فترة قصيرة وبشكل مكثف، وتسعى مدارس الطفولة المبكرة في كافة المناطق التعليمية إلى الارتقاء بمستويات الأداء وتطوير الخطط لبناء تشكيل مؤسسي يتناسب مع التأسيس المنشود لدخول الطفل وتهيئته لمراحل التعليم الأعلى، وأكدت القيادات التعليمية على قدرة المدرسين على احتواء الطفل في هذه المرحلة، وتحمل سلوكياته وتوجيهه، وأن الطفل يمتلك القدرة العالية على التعلم بشكل كبير إذا كان من يقوم على تعليمه مدرس مؤهل، ولديه الكم الهائل من المزايا النفسية والاجتماعية والتربوية والتي تتمثل في التسهيل على الطفل التعلم بشكل سريع، وإتقانه لمختلف المهارات بشكل كبير، والتكيف النفسي والاجتماعي للطفل (المحيسن، 2019).

وتركز رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ على الاستثمار الأمثل في التعليم المبكر عن طريق إسناد تعليم المراحل الأولية في التعليم للمعلمات، ويعد انطلاق مشروع «الطفولة المبكرة» خطوة رائدة لتحسين جودة التعليم ومواكبة رؤية المملكة 2030.

التعريف بالمفاهيم:

مرحلة الطفولة المبكرة: هي مرحلة بالغة الأهمية في تكوين شخصية الفرد، ويتم بناء الطفل في جميع الجوانب الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعيّة والدينيَّة والخُلُقيَّة في هذه المرحلة، فضلا عن أن جوانب نمو الطفل بمختلف أنواعها تعتمد على بعضها البعض؛ ومن هنا فإن التعامل مع طفل الروضة في سنوات ما قبل المدرسة يجب أن يحتوي جوانب النمو المختلفة وما بينها من تكامل وتأثير؛ ويتطلب ذلك تنظيم الأنشطة والخبرات التي تُقدم للأطفال في السنوات المُبكّرة من عمره مع مراعاة التخطيط الهادف الذي يُحسن توظيف طاقات الطفل (العطار، 2020: 4).

رؤية المملكة 2030م: “رؤية تبنتها المملكة لتكون خارطة طريق ومنهجاً للعمل الاقتصادي والتطويري فيها، وتشمل العامة والتوجهات المستقبلي، والأهداف والالتزامات الخاصة بها، لتكون المملكة نموذجاً رائداً في جميع المستويات ومحاورها الرئيسية مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح” (بلهيد، 2020: 774)

ونظرت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى الانسان على أنه أهم ثروة يمتلكها الوطن، كما اولت اهتماماً بالتعليم والتأهيل والتدريب، من أجل تحقيق أحد محاورها للمجتمع الحيوي، ويعني ذلك أن مشاركة أفراد المجتمع سوف تزداد مع ما ستقدمه الدولة من برامج لتحقيقها. (وثيقة رؤية المملكة العربية السعودية 2030).

مستقبل الطفولة المبكرة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030م

أهمية رياض الأطفال:

تعد مرحلة الطفولة المبكرة من أبرز مراحل العمر في حياة الإنسان، فهي المرحلة التكوينية الحاسمة التي فيها يتم وضع البذور الأولى للشخصية التي تتبلور ملامحها وتظهر في مستقبل حياة الطفل، لأن ما يحدث فيها من نمو يصعب تعديله لاحقا وأن حدوث أي خلل يطرأ في هذه المرحلة ولا يكشف ويعالج في الوقت المناسب يؤدي إلى التقليل من قدرات الطفل العاجلة والآجلة، ويشكل التحاق الطفل بالروضة رافداً مهماً لعملية نموه من خلال ما تقدم للطفل من أنشطة وخبرات تساهم في اكتساب الطفل للعديد من المهارات والمعارف والمفاهيم حول بيئته الاجتماعية والطبيعية (زيود ومحرز، 2019).

أهداف مرحلة الطفولة المبكرة في المملكة العربية السعودية

من المعروف أن سياسة المملكة العربية السعودية منبثقه من الدين الإسلامي، وبالتالي فتقوم سياسة التعليم  على  الدين الإسلامي، مما يجعل كافة أهداف مراحل التعليم وخصوصاً مرحلة الطفولة المبكرة تركز  على  العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي عموماً؛ لكونها مرحلة أساسية تبنى عليها باقي المراحل، وبناءً  على  وثيقة سياسة التعليم فإن أهداف مرحلة رياض الأطفال في المملكة العربية السعودية هي كالآتي (الحربي، 2020):

    صيانة فطرة الطفل ورعاية نموه الخلقي والعقلي والجسمي في ظروف طبيعية سليمة لجو الأسرة، متجاوبة مع مقتضيات الإسلام.

    تكوين الاتجاه الديني لدى الطفل القائم على  التوحيد المطابق للفطرة.

    أخذ الطفل بآداب السلوك، وتيسير امتصاصه للفضائل الإسلامية والاتجاهات الصالحة بوجود أسوة حسنة وقدوة محببة أمام الطفل.

    إيلاف الطفل الجو المدرسي وتهيئته للحياة المدرسية، بالإضافة لنقله برفق من الذاتية المركزية إلى الحياة الاجتماعية المشتركة مع أترابه.

    تزويد الطفل بثروة من التعابير الصحيحة والأساسيات الميسرة، والمعلومات المناسبة لسنه والمتصلة بما يحيط به.

    تدريب الطفل على  المهارات الحركية، وتعويده على العادات الصحيحة، وتربية حواسه وتمرينه  على  حسن استخدامها.

    تشجيع نشاطه الابتكاري، وتعهد ذوقه الجمالي، إتاحة الفرصة أمام حيويتيه أيضاً للانطلاق الموجه.

وأكدت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على ضرورة تنمية مختلف جوانب النمو لدى الطفل عن طريق ترسيخ القيم الإيجابية لدى الأطفال من خلال تطوير المنظومة التعليمية والتربوية بكل مكوناتها، وأشارت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على أهمية دور الأسرة في تنمية جوانب النمو المختلفة لدى أبنائها وفي في بناء أجيال قادرة على الارتقاء بالمملكة، ولهذا فقد عملت على تعزيز مشاركة الأسرة في العملية التعليمية لتصل إلى (9680) من الأسر في الأنشطة المدرسية وذلك ضمن برنامج “ارتقاء” (رؤية المملكة العربية السعودية 2030، 2017).

كما أكدت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على أهمية تنمية جوانب النمو المختلفة لدى أطفال الروضة عن طريق اهتمامها بالعمل على توفير برامج تعليمية متطورة تركز على تطوير المواهب وبناء الشخصية وترسيخ القيم الإيجابية لدى الأطفال بالإضافة إلى تطوير المنظومة التعليمية والتربوية بجميع مكوناتها وأيضا العمل على تعزيز دور المعلم ورفع تأهيله وتوفير فرص التدريب محليا ودوليا (رؤية المملكة العربية السعودية 2030، 2017).

ويعد مستقبل الطفولة المبكرة من أهم القضايا المعاصرة التي تستلزم التغيير الواعي للطفل في ظل المتغيرات وتحقيقاً لبعض أهداف رؤية المملكة 2030، ولما شملته أهداف التنمية المستدامة هدفاً لبرنامج الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة (الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة) لتحقيق رؤية 2030؛ وذلك لضمان حصول جميع الأطفال على تعليم شامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة لأطفال ما قبل المرحلة الابتدائية (وثيقة رؤية المملكة العربية السعودية، 2016).

 

الخاتمة:

مما سبق يتبين أن المملكة العربية السعودية أكدت من خلال رؤيتها 2030 ومن خلال أهداف مرحلة الطفولة المبكرة على ضرورة اهتمام المناهج بجميع جوانب النمو المختلفة وهي: (النمو الجسمي، النمو اللغوي، النمو العقلي المعرفي، النمو الاجتماعي والثقافي، النمو الوجداني، النمو الحركي، النمو البيئي، النمو الديني، النمو الأخلاقي، النمو الاقتصادي)، في مرحلة الطفولة المبكرة، لما لهذه المرحلة من أهمية بالغة في تشكيل شخصية الفرد فيما بعد.

النتائج:

  1. تعد تنمية شخصية الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة وتعزيز اكتسابه للمفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والصحية والأمنية من أهداف مرحلة رياض الأطفال في رؤية المملكة 2030.
  2. الاهتمام الكبير بمستقبل مرحلة الطفولة المبكرة في جميع مدن المملكة العربية السعودية والنمو المتزايد لإنشاء رياض الأطفال، وازدياد الحرص على إقبال الأطفال عليها.

 

 

المراجع:

الحربي، روان سعد عاتق. (2020). تطوير أهداف مرحلة رياض الأطفال بالمملكة العربية السعودية في ضوء أهداف مرحلة رياض الأطفال في دولة السويد. مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 66. ص9.

حماد، نهلة محمد علي. (2018). متطلبات تحقيق رياض الأطفال لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 م. مجلة جامعة الباحة للعلوم الإنسانية، ع15 ، 232 – 262.

زيود، عائد، ومحرز، هناء. (2019). فاعلية الدراما التعليمية في تنمية المفاهيم الرياضية لدى طفل الروضة. مجلة جامعة حماة, 2(10).

العطار، محمد محمود. (2020). البرامج المحوسبة في مرحلة الطفولة المبكرة. مجلة خطوة، ع40 ، 4 – 7.

عمر، محمد. (2023م). مقال بعنوان (دارس الطفولة المبكرة في المملكة العربية السعودية). اطلع عليه بتاريخ: 24/1/2023م، مسترجع من: https://filaat.com/p70#i-7

المحيسن، صالح.(2019). مقال بعنوان (تحقيق الاستراتيجيات المتوافقة مع رؤية 2030 واللحاق بركب تطور التعليم على المستوى العالمي، برنامج الطفولة المبكرة.. أُفق جديد في طرق التعليم)، اطلع عليه بتاريخ: 24/1/2023م، مسترجع من: https://www.alriyadh.com/1773786

وثيقة رؤية المملكة العربية السعودية 2030م. (2017). مسترجع من: https://www.vision2030.gov.sa/media/5ptbkbxn/saudi_vision2030_ar.pdf

وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية. (2015). معايير التعلم المبكر النمائية فـي المملكة العربية السعودية أطفال عمر ٣ – ٦ سنوات. المملكة العربية السعودية. الرياض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى