كُتاب البوابة

التلمذة سابقًا والظلّ الوظيفي حاليا

يعد التدريب على رأس العمل إحدى الوسائل المهمة لتطوير العاملين، لكنه في الغالب يعتمد. على أسلوب البرامج التدريبة والتي تقوم على مناهج معرفية ونظريات ومعلومات وتجارب تطبيقية تقدم للموظف؛ ومن ثم يتم قياس أدائه للتحقق من اكتسابه لها في أثناء تنفيذ العمل المطلوب.

لكن هناك طريقة للتدريب على المهارات أكثر مباشرة وأدق في إصابة الهدف وهي ما يعرف بأسلوب (الظل الوظيفي. Job shadowing) وهو أسلوب من أساليب التدريب الفعالة، وتكون في أثناء العمل، حيث يسمح فيها للموظف بالتعلُّم من خلال ملازمة الموظف المتمرس الأكثر خبرة ومتابعته في بيئة العمل ومشاهدة تصرفاته وردود فعله والأعمال التي يقوم بها لفترة طويلة لا تقل عن 3 أشهر. ويناسب هذا النوع الموظفين المبتدئين، ويعد من أفضل وسائل التدريب فعاليّة لاكتساب مهارات جديدة.

ونجد أن هذا الأسلوب له ما يطابقه في التاريخ الإسلامي وهو ما يسمى الملازمة والدربة والتلمذة، لكنها كانت تمتد لسنوات، وليس مجرد شهور، بل إن هناك إشارة قرآنية لمثل هذا الأسلوب في القرآن الكريم فيما جرى بين موسى -عليه السلام- والخضر في الآية الكريمة (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا. ولذلك فقد تأكد وجود هذا النوع من التدريب في تاريخ الشعوب كلها حتى في الحضارات التي كانت قبل الإسلام، بل قبل الميلاد كانت التلمذة والملازمة أحد أبرز الأساليب لنقل المهارات الحرفية والفنية على وجه الخصوص، وفي كتاب (الإتقان) للكاتب الرائع روبرت غرين تحدث عن مفهوم التلمذة، واعتبره أحد أهم الأساليب التي فقدناها في حياتنا المعاصرة، وكان يجد أنها في الحضارات القديمة تأخذ فترة لا تقل عن 7 سنوات وربما أطول، بما يجعل أعمال نسبة كبيرة من البشر في حياتنا المعاصرة اليوم غير متقنة باعتبار أنهم يرغبون أن يحرقوا المراحل في إتقان المهارات، كما أنه لا يوجد لهم مثل أعلى في الحرفة أو المهارة يتابعونه ويتعلمون من منه على نحو مباشر.

في هذا الصدد ومع وجود منهج علمي لكل فن وعلم ومهارة في عالمنا اليوم. فإنه من الرائع أن يتعلم الإنسان الأفكار والنظريات والمعارف حول موضوع ما أو مهارة ما، ثم بعد ذلك يتتلمذ عند شخص محترف في ذات المهارة، وكل ما هو مطلوب منه فقط أن يراقبه ويلاحظه بتركيز، ويتابع طريقته في الأداء لفترة زمنية طويلة. إذا دمجت هاتين الوسيلتين سيظهر لنا شخص خارق في هذه المهارة مستقبلا، وهذا ما نأمل أن تتضمنه خطط التدريب في مؤسساتنا وكذلك خطط التعليم العالي في المستقبل القريب بإذن الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى