كُتاب البوابة

مات الشغف

انتشرت في الآونة الأخیرة كلمة ( شغف ) والتي استحوذت على أذھان الكبار والصغار على حد سواء، وأصبحت تستخدم بلا فھم جید لمعناھا وحقیقتھا.
فالشغف بحسب علماء النفس: میل قوي تجاه نشاط ما بذاته يستثمر الانسان فیه وقته وجھده إیمانا منه بأھمیته، وقد یكون أیضاً كما ذُكر في قاموس أكسفورد في تعریفه: أنه شعور قوي لدرجةٍ قصوى بالكاد یمكن السيطرة علیه. وبھذا نستنتج أن الشغف لیس دائمًا أمرًا إيجابيًا .
واستناداً على أبحاث علم النفس فإن الشغف یتوقد من العمل والتخطیط والجد والاجتھاد، إذن فالشغف یترافق مع الفعل، فتخیل معي كم من شخص ترك العمل والسعي للتطویر بحجة انتظار دفعة من الشغف تدفعه للأمام، وكم من الفرص ضاعت سواء في الوظیفة أو الدراسة أو غیرھا من المجالات فقط لأننا لا نشعر بشغف تجاھھا غیر آبھین بالنتائج الحقیقیة والواقعیة المترتبة على ضياع تلك الفرص.

لماذا لا یجدر بنا الاعتماد على مسألة الشغف تلك ؟
لأنه یعتبر حالة مزاجیة قد تختلف قوتھا من یوم لآخر، فكیف بعاقل أن یعلق مستقبله وتحقیق أھدافه بحالة مزاجیة قد تحلق به فوق السحاب یوماً وفي الیوم التالي تھوي به على الأرض.
المؤمنون بالشغف قد یضربون لك الأمثلة لناجحین كستیف جوبز أو بیل جیتس كیف اتبعوا شغفھم ونجحوا، متجاھلین الكم الهائل من الجھد العظیم الذي بذلوه هم وغیرھم وكم العقبات التي تخطوھا ومرات الفشل والإحباط العدیدة التي تجاوزوھا بالعمل المضني حتى وصلوا إلى ماوصلوا إلیه من تألق ونجاح وثروة.
ومن معتقدات الشغوفین أیضاً أن الشغف ھو مایولد المھارة، وذلك بالطبع غیر صحیح لأن المھارة تأتي من العمل الجاد المستمر والمثابرة الدؤوبة.
مع الأسف الشدید بتنا نرى انتشار التقاعس عن العمل والبحث والجد والتطویر بین أوساط الشباب بحجة غیاب الشغف الذي أصبح شماعة یُعلق علیھا الكسل.
ومما تجدر الإشارة إلیه أن الانسان قد یصاب بالاكتئاب والقلق ولا یحاول طلب المساعدة وتلقي العلاج المناسب لأنه شخَّص نفسه مسبقاً بأنه مصاب بفقدان الشغف لیس إلا ؛ وھنا مكمن الخطورة. ویتفاقم الوضع ويزداد سوءًا حین یربط الشخص سعادته بوجود الشغف، لدي شغف إذن أنا سعید، فاقد للشغف یعني أني تعیس وحزین. الشغف لایساوي السعادة أبدًا .
والمثیر للسخریة أن الكلمة انتشرت كالنار في الھشیم حتى بین المراھقین والأطفال وأصبحت ھذه حجتھم في عدم القیام بما یتوجب علیھم.
ھنا تتضح لنا الأھمیة البالغة لمراقبة مانعتنقه من أفكار والتي قد تكون عائقاً كبیراً أمام السعادة والنجاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى