كُتاب البوابة

قيادة الموظف ضعيف الأداء

قيادة الأفراد عملية معقدة، وتحتاج إلى حكمة ووعي دقيق بأشكال السلوك الإنساني ومكوناته ودوافعه واحتياجاته. وما يجعل كثير من القادة في حيرة من أمرهم تجاه التباين بين أداء الأفراد مرده قصور في القدرة على التصنيف الدقيق بين متطلبات واحتياجات الموظف من جهة، وبين متطلبات واحتياجات الفريق من جهة ثانية، وكذلك متطلبات المنظمة من جهة ثالثة.
قلما تجد اتفاقا بين القادة حول الوقت المناسب لاتخاذ الإجراءات الحاسمة تجاه الموظف الذي لايؤدي عمله بالشكل المطلوب. هناك من يرى أنه يمكن استصلاح أي موظف يشكل سلوكه خرقا لقواعد وأنظمة العمل. في الغالب يكون هؤلاء القادة متحيزون للموظف أكثر من تحيزهم للمنظمة أو الفريق. إنهم يرون أن الإنجاز العظيم للقائد يكمن في قدرته على تحويل الموظف السلبي والمتسيب إلى موظف متحمس ومجتهد. هذا أمر حسن جدا، مع ذلك فقد تكون فكرة استصلاح موظف واحد سبب في خراب أداء الفريق وانتشار الأداء الضعيف في المنظمة بكاملها. يذكر الكاتب الأمريكي د. تيم إروين في كتابه (التأثير الاستثنائي) أن القادة الخبراء يستطيعون التمييز بين إذا ماكان الموظف لديه مشكلة أو يمثل مشكلة في حد ذاته، وإدراك هذا الاختلاف يمثل إحدى أكبر التحديات التي تواجه القادة.

في الحقيقة غالبا ماتكون مشكلات الموظف ضعيف الأداء لاتخرج عن أربع أسباب:

– أن يكون الموظف يعمل في مكان غير مناسب لإمكانياته أو مهاراته أو شغفه وميوله.
– أن يكون الموظف يمر بأزمة خارج العمل سواء أزمة صحية أو اجتماعية أو مالية.
– أن يكون الموظف بحاجة لمزيد من التدريب والتوعية بمهامه الموكلة إليه.
– أن يكون جوهر الموظف نفسه جوهرا سيئا وشخصيته تملؤها جوانب مظلمه وسلوكيات عدائية.

ومن خلال هذه الحالات الأربع لابد أن يدرك القادة أن التدريب والتطوير لن يكون مجديا في غالب الحالات إلا في الحالة الثالثة، مهما بلغت محاولات التدريب من الكفاءة والقوة فلن تعالج شخصا هو مشكلة في حد ذاته.
وسيكون تأثير التدريب محدودا عندما يكون الموظف يعمل في مجال لايرغبه ولا ينتمي لشغفه واهتمامه. بينما لن يكون للتدريب من معنى إذا كان الموظف يعاني من أزمات خارج العمل سواء اجتماعية أو صحية.

وهنا يتبادر للطرح سؤال مهم. كيف يمكن للقادة أن يفرقوا بين الموظف ضعيف الأداء الذي عليهم استصلاحه وبين ذلك الذي عليهم استبعاده؟
في هذا الصدد لابد أن يتوفر مقياس واضح لدى القائد حتى لاتكون هذه المهمة خاضعة للآراء الشخصية أو العاطفية. ويمكن أن يكون ذلك في إطار السؤال التالي:
هل سيكون كلفة استصلاح الموظف باهظة للدرجة التي ستهدد الأداء بشكل عام في المنظمة؟ هناك من يغالي من القادة في إمكانية استصلاح أي موظف هذا أمر نؤمن فيه جميعا على الأقل من الناحية النظرية، ولكن السؤال الأهم ماهي الكلفة التي يتعين على المنظمة أن تخاطر بها من أجل ذلك؟ إذا كان استصلاح الموظف سيؤدي لانتشار التسيب والاتكالية وضعف الإنتاجية وغياب الجدية في العمل فإن قرارا مثل هذا سيكون عملا لا ينتمي للمسؤولية التي يجب على كل قائد أن يتصف بها. أحيانا يكون استبعاد الموظف الذي يمثل مشكلة في حد ذاته سببا في استصلاح بقية الموظفين والمنظمة بأكملها.
بالإضافة لذلك يتعين على القادة الاهتمام بتطوير أداء الموظفين وتحسين مخرجاتهم، إن من واجبات القادة أن يعرفوا إلى أي مدى يجب عليهم التعاون مع الموظفين أصحاب الظروف الخاصة حتى يتجاوزوا ظروفهم ويعودوا لأوج نشاطهم ضمن الفريق، وأن يكون لديهم الاستشراف والإحساس بمدى إمكانية تحسن هذا الموظف ضعيف الأداء من استحالة تحسنه . وأن يسعوا قدر استطاعتهم بوضع كل موظف في المكان الذي يناسبه ولأداء المهمة التي يحسن أدائها. ذلك هو مفتاح التطوير الحقيقي لأي موظف يعاني من ضعف الأداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى