كُتاب البوابة

الحروب جاهلية أُخرى..

سارة العمري

أرواح الأمة لديها ارتباط وطيد بينها وبين الحروب التي لا تأبى بسفك الأرواح من الشيوخ والضعفاء والأطفال والنساء وشديد البأس من الرجال الذي يقتل بغير حق، والحرب لا تعرف طريقًا للرحمة سوى نزعها من جذوة القلب والشر الذي أينع بجوف الأرض التي طالما كان غذائها دماء الأبرياء المخلصين للخير وللعبودية.

ماذا يعني الحرب؟

لبعض الكلمات ألف معنى من معاني الجمال وهي الأصل للمعنى الواحد، أما المعنى لكلمة حرب هي تحمل كل معاني الأسية واللوعة والوجد والصبابة وهي ذات الشرور التي سئمت منها الأراضي التي كتب الله عليها الشقاء في عيشها وهي الأرض المنكوبة التي لا تعي الجذل والسرور إلا ما كان منها بصورة شكلية خالية معانيها من ظاهرها ظن منها بذلك شحذ المسرّة التي استحالت من أراضيها وهي بذات أرواحها تخشى سعادة زائفة لأن بناءها الداخلي مذ آلاف السنين بُني على أساس هذا التصور الذي بقيت كرامته في البؤس والشقاء بالأشجان التي سكنت بيوت الأحياء وساكنيها والمآذن في سقوطها والعمارات والبناء في رمادها والمرأة الثاكل في نحيبها والطفل الوحيد الذي بقي من الشجرة والطفلة التي لا تزال تناجي الله في أبيها ، والأشجار التي خالطت أوراقها الدم والحجار والجفاف الذي ساقط أوراقها حتى أصبحت كل أيام الشجر ربيعًا دون أن يأتي الربيع فؤاد هذه الأرض التي يُرثى لها ويرثى عليها، وأنا أخاطب الحرب بصيغة المؤنث لضعفها وهزلها مثل امرأةٍ مسنّة قاربت من الأجل ؛ولكن الأجل لا يستسيغ أمثالها بتمكنّ الشرّ بدواخلها الذي قيل فيه كيدهن عظيم، والحرب لها كيد النساء بل أشد كيدًا ومكرًا..

متى بدأت الحروب؟

لقد سجل في التاريخ أن أقدم حرب كانت في العصر الحجري، مذ آلاف السنين أنشأت الحرب لهيبها وصُقلت سيوفها وأنياب مكرها في هدر الدماء، كأن الأرض قد خُلقت من الدم لترتوي به في أيام سطوتها وتستعين به على إكمال الشرور والفساد في الأرض ولطالما كانت السيوف خير مُعين لذلك وإن انقطع عهد السيوف والرماح فسلاح البندقية وفوهاتها البديل الخيّر والصاحب المتمكن ليدّ الحرب، في حال أن شوه العدو ما يشوب يد القضاء الدولي والدولة، ولا يخفى على أحدٍ ما تورثه الحروب من قحطٍ وعارٍ وقنوط، ونحن في حقبة زمنية الكل منّا يبحث عن السلام لأننا في عهد العلم الذي هو حليف النصر لهذه الأمة ولتشريف العلم علينا نبذ وتفادي الحروب التي هي درع الجاهلية الكبرى وينبوع من ينابيع الفساد لذات السُفلى التي ترى السقوط فضيلة!

الحرب في العصر الإسلامي والحرب مع اليهود؟

لم يحفز الإسلام على الحرب إلا في دفاع عن الدين الإسلامي أو دفاعًا عن النفس، والإسلام دين سِلم وسلام ورحمة حتى في الحرب هناك نُظم وقواعد بنيت في الإسلام لتحفظ الحق الإنساني وهي أقرب ما تكون بمنزلة الرحمة وسمّو الخلق الرفيع وقوة وجلد المؤمن على احتمال المكاره، أما حرب المسلمين مع اليهود فقد طال عليها الأمد وامتدت عليها جوانح الظلام من الشدّة حتى خالط بعضها مزيج أزلي لا ينضب ولا ينتهي إلا قبل قيام الساعة بقليل ، والسلم قد يفيد مع جميع الأعداء يكون في هُدنة يتعاهد عليها المتعاهدون ويصدقون في معاهدتهم إلا اليهود فهم كاذبون وإن زعموا الصدق ،وناقضوا العهد بالغدر الذي هو يجري في أعماقهم من أصلابهم ولا يزالون يمكثون في المكر والتدليس،
‏﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ سورة الأنفال آية-٣٠

سيردون صاغرين مذعنين بنصر من الله وأحبائه الصالحين..

لقد حارت الحروف في رسم مشاهد الجثث الهامدة وغشت على العين غشاوة العينين المخضبتين بالدموع وتهللت الدعوات في الأحشاء باكية رثاء أمةٍ لا حيلة لها إلا التبرّم والبكاء في العتمة فنرجو بذلك رحمة من الله بنا.

albwaabh

صحيفة البوابة الإلكترونية || الإعلام بمفهومه الجديد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى