توسع التعدين الصيني : غضب السكان المحليين وتأثيرها على البيئة
مقدمة
في العديد من دول العالم، تُثار احتجاجات متزايدة ضد مشاريع توسع التعدين الصينية، والتي تشمل استخراج الليثيوم والمعادن الأخرى الضرورية للتكنولوجيات الخضراء. هذه الاحتجاجات تعكس مخاوف السكان المحليين بشأن التأثيرات البيئية والاجتماعية لهذه المشاريع، والتي تُعتبر جزءًا من توسع الصين في قطاع التعدين العالمي.
حادثة الأرجنتين: مثال حي
في شمال الأرجنتين، استيقظت آي تشينغ، موظفة في شركة صينية لاستخراج الليثيوم، على أصوات احتجاجات غاضبة. تجمع العمال الأرجنتينيون حول المجمع السكني وأغلقوا المدخل بإطارات مشتعلة. أشعلت هذه الاحتجاجات شرارتها طرد عدد من الموظفين الأرجنتينيين، وهو مجرد مثال واحد على الاحتكاكات المتزايدة بين الشركات الصينية والمجتمعات المحلية.
تقول آي تشينغ: “كان الأمر مخيفًا لأن السماء أصبحت مضاءة بالنيران الكثيفة. لم يكن الأمر سهلاً، حيث كان عليّ التوسط في النزاعات بفضل معرفتي بالإسبانية. الإدارة تعتقد أن الموظفين كسالى، فيما يرى السكان المحليون أن الصينيين موجودون فقط لاستغلالهم”.
توسع الصين في قطاع التعدين
قبل عشر سنوات، بدأت الصين في شراء حصص في مشاريع داخل “مثلث الليثيوم” الذي يضم الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، ويحتوي على معظم احتياطيات الليثيوم في العالم. تشير تقديرات بي بي سي إلى أن الشركات الصينية تسيطر الآن على حوالي 33% من مشاريع إنتاج الليثيوم الحالية أو قيد الإنشاء.
انتهاكات ومشاكل بيئية
وفقًا لمركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان، تواجه الشركات الصينية في الخارج ادعاءات متعددة تتعلق بانتهاكات حقوق المجتمعات المحلية، الأضرار البيئية، وظروف العمل غير الآمنة. في العامين 2021 و2022، نُشرت أكثر من مائة ادعاء ضد الشركات الصينية، تتراوح بين انتهاكات حقوق المجتمعات المحلية إلى الأضرار البيئية وظروف العمل غير الآمنة. وأحصت بي بي سي أكثر من 40 ادعاءً إضافيًا في عام 2023.
دور الصين في الاقتصاد الأخضر
تعتبر الصين رائدة في تكرير الليثيوم والكوبالت، حيث بلغت حصتها من العرض العالمي 72% و68% على التوالي في عام 2022. ساعدت قدرة الصين على تكرير هذه المعادن في جعلها مسؤولة عن إنتاج أكثر من نصف السيارات الكهربائية المباعة في جميع أنحاء العالم في عام 2023. كما تتحكم الصين في ما لا يقل عن 80% من الطاقة الإنتاجية لكل مرحلة من مراحل توريد الألواح الشمسية.
الحاجة العالمية للمعادن
وفقًا للأمم المتحدة، يجب أن يزيد استخدام ومعالجة المعادن ستة أضعاف بحلول عام 2040 للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية للغازات الدفيئة بحلول عام 2050. بينما تطور الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي استراتيجيات لتقليل اعتمادها على الإمدادات الصينية.
الاستجابة العالمية
مع زيادة عمليات التعدين الصينية في الخارج، تزايدت الادعاءات بوجود مشاكل ناجمة عن هذه المشاريع. يذكر مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان أن هذه المشاكل ليست قاصرة على التعدين الصيني، لكنه نشر تقريرًا يدرج أكثر من مائة ادعاء ضد الشركات الصينية المشاركة في استخراج المعادن المهمة.
أثر توسع التعدين الصيني في أمريكا اللاتينية
توسع مشاريع التعدين الصينية في أمريكا اللاتينية، خاصة في مثلث الليثيوم، أدى إلى زيادة التوترات بين الشركات الصينية والمجتمعات المحلية. تحتوي المنطقة على كميات هائلة من الليثيوم، المعدن الضروري لتصنيع بطاريات الليثيوم أيون المستخدمة في السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية.
أثر توسع التعدين الصيني على المجتمعات المحلية
يشعر السكان المحليون في أمريكا اللاتينية بالقلق من تأثير مشاريع التعدين على حياتهم اليومية. تشير تقارير إلى أن هذه المشاريع تؤدي إلى تلوث المياه وتدمير الأراضي الزراعية، مما يؤثر سلبًا على الزراعة التي تعتمد عليها العديد من العائلات. بالإضافة إلى ذلك، تواجه المجتمعات المحلية مشاكل اجتماعية واقتصادية ناجمة عن الاستثمارات الأجنبية.
دور الحكومة والشركات في معالجة المشاكل
تحتاج الحكومات والشركات إلى العمل معًا لمعالجة المشاكل الناجمة عن مشاريع التعدين. يجب وضع قوانين ولوائح تضمن حماية حقوق المجتمعات المحلية والحفاظ على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات الصينية تعزيز التواصل مع المجتمعات المحلية لضمان تفهمهم لأهداف المشاريع وكيفية تأثيرها على حياتهم.
الأهداف المستقبلية والتحديات
مع استمرار الطلب العالمي على المعادن الأساسية للتكنولوجيا الخضراء، ستظل مشاريع التعدين الصينية جزءًا حيويًا من الاقتصاد العالمي. يجب على الشركات والحكومات العمل على تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة وحقوق المجتمعات المحلية.
الخاتمة
تشهد مشاريع التعدين الصينية في دول متعددة تزايدًا في الاحتجاجات والمشاكل البيئية والاجتماعية. تتطلب هذه التحديات استجابة فعالة من الشركات الصينية لضمان احترام حقوق المجتمعات المحلية والحفاظ على البيئة. في ظل التوسع السريع في قطاع التعدين، يجب على الصين والشركات التابعة لها العمل على تحسين العلاقات مع المجتمعات المضيفة والالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية العالمية.
دعوة للقراءة والمتابعة
للحصول على مزيد من الأخبار والتحديثات حول مشاريع التعدين وتأثيراتها، تابعوا أحدث أخبار صحيفة البوابة الأخرى المهتمة بالشؤون البيئية والاجتماعية.