التكنولوجيا .. هل تُسيء لنا أم نُسيء لها؟
البوابة – بشاير سالم الزهراني:
“التكنولوجيا رائعة لا أظن فيها جانب سلبي، إنما اليوزر -المُستخدم- هو من يُسيء لها بطريقة استخدامه”.
هذه العبارة البديعة قالها أستاذي الفاضل رضا رجب لطالباته بمرحلةِ الدكتوراة في مُحاضرةٍ له عن التغيّر الاجتماعي -بالمُناسبة هو بروفسور بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض- ومن مُنطلق أنّهُ لا يفوتني تحويل أيّ عبارةٍ رنّانة إلى مادة للتأمّل في البشرية وسلوكياتهم، فلقد أستوقفتني عبارته وهذا ما دفعني لكتابة المقالة.
البروف رضا مشكورًا قال عبارته وذهب، لكنّها لم تذهب من ذاكرتي حيث أنّنا في الحقيقة لم نسمع صدى عالٍ لمثلها في مُجتمعاتنا، مِمّا يجعلني أستطرد في قوله.
نعم، التكنولوجيا كإحدى عوامل التغيّر هي ليست مسؤولة عن الوعي المُجتمعي، وهذه -للأسف- مشكلة لدينا حيث نجد من يُبالغ في قول أنها سببًا لدمار مُجتمعاتنا وإفساد عقول شبابنا وهدرًا لصحتنا ومضيَعةً لأوقاتنا، هنا يتّضح لنا بشكلٍ ما “غياب المُجتمع النقدي”، حتى من يبدو لك أنه قارئ ومُثقف قد تجده يضع كامل اللوم على التكنولوجيا وما أتت به من فساد كظهور “مشاهير التواصل الإجتماعي” على سبيل المثال! وقد يذهب البعض أبعد من ذلك ويقول بأنها ظاهرة تغريبية وغزو فكريّ، في حين أنها ظاهرة عالمية وهي نِتاج طبيعي لعصر العولمة.
وعلى نحوٍ أعمق، فهؤلاء المشاهير ليس المطلوب أن نأخذ منهم دروسًا في التاريخ أو علم الإجتماع أو نتّبعهم سياسيًا، وهم لا يطرحون أنفسهم بهذه المساحات! حيث أنّ مجالاتهم هي مجالاتٍ ترفيهية وللتسلية لا أكثر، ومُعظم الجماهير تتقصّدهم لهذه الدوافع! هي مجالات مُهمّة في حياة الشعوب، إذ لا أظن أن المطلوب منهم زيادة الوعي أو تعليم الناس التفكير الناقد، وفي ظل المُتغيّرات التكنولوجية والرقمنة وجب القول أنّ كل فردٍ منا هو المسؤول الأول عن وعيه، هكذا ببساطة.
خِتامًا، شكرًا د. رضا، علّمتنا بعبارتك القصيرة في مُحاضرتنا المُثرية والمُمتعة أن لا نُبالغ في وضع اللوم على عاملٍ من عوامل التغيّر الاجتماعي لأن هذا الأمر يجعل المُجتمعات تعيش مُغيّبة عن أبجديات التفكير، ونحنُ نريد أن نوقظ العقول بالعلم والوعي والإدراك لا أن نُجمّدها.
بشاير سالم الزهراني.