كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة جنوب أستراليا، أن النوم الكافي والصحي يساعد الدماغ على تعلم لغات جديدة أثناء دراستها، حيث يساعد النوم الدماغ على ترسيخ الكلمات الجديدة والقواعد النحوية المعقدة، أثناء تعلم لغة جديدة.
وحسب موقع “زد إم إي ساينس – ZNE Science” نُشرت نتائج الدراسة في مجلة “جورنال أوف نيروساينس” المتخصصة بعلوم الأعصاب.
ولدراسة تأثير جودة النوم على تعلم اللغة، تناولت اختار الباحثون بجامعة جنوب أستراليا 35 شخصًا لغتهم الأم هي الإنجليزية ليخضعوا جميعًا لدورة تعلم لغة مصطنعة تُدعى “الميني باينين”، مستوحاة من اللغة المندرينية الصينية ولكنها بشكل مبسّط تتناسب مع القواعد الإنجليزية، وتحتوي هذه اللغة المبسطة على 32 فعلاً و25 اسمًا، يمكن تكوين 576 جملة مفيدة بواسطتهم.
وقسّم الباحثون المشاركين إلى مجموعتين: المجموعة الأولى وُجّهت لتعلم اللغة المبسطة في الصباح وخضعت للاختبار في المساء، بينما كان دور المجموعة الثانية لتعلم اللغة مساء، قبل أن ينام المشاركون ليلة كاملة بعدها في المختبر، ثم يُجرى اختبارهم في صباح اليوم التالي.
مفاجأة في نتائج الدراسة
وكانت المفاجأة فيما أظهرته النتائج هو فرق واضح؛ فأولئك الذين حصلوا على قسط كافٍ من النوم بعد التعلم حققوا أداء أفضل من نظرائهم، ويعزو الباحث الرئيس الدكتور زكريا كروس هذا التحسن إلى التزامن والترابط بين نمطين من موجات الدماغ خلال ما يُعرف بمراحل “نوم حركة العين غير السريعة”، وهذان النمطان من الموجات هما مغازل النوم(السمة المميزة للمرحلة الثانية من النوم) التذبذبات البطيئة (السمة المميزة للمرحلة الثالثة من النوم).
علاقة مغازل النوم والتذبذبات البطيئة بتعلم اللغة
ومغازل النوم هي نوع من أنماط موجات الدماغ ترتبط بتوحيد الذاكرة.
أما التذبذبات البطيئة فتشير إلى أنماط من النشاط الكهربائي منخفض التردد في الدماغ تحدث أثناء النوم العميق، وتُعدّ هذه التذبذبات مهمة لأنها تُنسّق بين مناطق مختلفة في الدماغ لنقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى (الحُصين) إلى الذاكرة طويلة المدى (الحفظ في القشرة الدماغية)، وهذا يُعزز عملية تثبيت الذكريات والتعلم.
ويعمل هذا التزامن على نقل المعلومات من الحُصين، المسؤول عن الذاكرة قصيرة المدى، إلى القشرة الدماغية، حيث تُخزن الذكريات طويلة المدى، ويُعزز هذا التنسيق الاحتفاظ بالمفردات والقواعد المعقدة، وهذا يجعل النوم حالة نشطة ومحوّلة للدماغ لتعلم اللغات بدلاً من أن يكون في حالة استرخاء كاملة.
الدراسة تساعد بتعلم اللغات وعلاج الاضطرابات اللغوية
وتمتد آثار هذه النتائج إلى مجالات تتجاوز مجرد اكتساب مهارة تعلم لغات جديدة، إذ تقترح الدراسة نماذج علاجية جديدة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات لغوية، مثل اضطراب طيف التوحد أو الحبسة الكلامية، والذين غالبًا ما يواجهون صعوبات في النوم.
ومن المعروف أن التذبذبات البطيئة أثناء النوم تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز المرونة العصبية، وهي قدرة الدماغ على التكيف مع التجارب الجديدة أو التعافي من الإصابات العصبية، ويقترح الدكتور كروس أن تقنيات مثل التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة يمكن أن تُستخدم لتعزيز هذه التذبذبات، مما يسرّع عملية علاج النطق واللغة لدى المصابين بالحبسة الكلامية.
ويتوقع الباحثون أن يسهم هذا الاكتشاف المبتكر في إحداث تطورات كبيرة في إستراتيجيات التعليم وأساليب إعادة التأهيل، مما يمهد الطريق لتحقيق إنجازات جديدة في مجال تحسين القدرات اللغوية والمعرفية.