التعارف وتقبل الآخر في ثقافة مجتمع محافظة تربة
يمثل التعارف قيمة متجذرة وطبيعة متوارثة في ثقافة مجتمع محافظة تربة، حيث يشتهر أهلها بالكرم وحسن الضيافة والتواصل الإنساني. هذه القيم الأصيلة تمتد جذورها إلى التعاليم الإسلامية التي تدعو إلى كسر الحواجز بين الأفراد والمجتمعات، كما ورد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13].
في محافظة تربة، التعارف ليس مجرد قيمة اجتماعية؛ بل هو أسلوب حياة توارثته الأجيال، حيث يجسد السكان هذه الروح في تعاملاتهم اليومية مع القريب والغريب على حد سواء. وعلى الرغم من التحديات التي قد يفرضها العصر الحديث مثل الانغلاق أو التحفظ تجاه الآخر، إلا أن طبيعة المجتمع القبلية المتماسكة تحافظ على هذه القيم وتعززها.
وللكاتب القدير الدكتور سعود المصيبيح، قصة تطبيقية حيث طبّق مفهوم “التعارف” عمليًا أثناء إقامته في أحد فنادق جدة، وهذه التجربة تسلط الضوء على أهمية هذه القيمة الإنسانية. فقد بادر بالتواصل والتعرف على شخص غريب من سكان الفندق الذي يقيم فيه (كندي الجنسية) ورغم غرابة القصة إلا انه اشار الى انها خلقت انطباعًا إيجابيًا يعبّر عن روح الانفتاح التي يمكن أن تكون جزءًا من ثقافة أي مجتمع. في تربة، يمكن لمثل هذه المبادرات أن تعزز القيم المتوارثة، خاصة إذا تم تفعيلها بأساليب تتناسب مع متطلبات العصر.
تعزيز ثقافة التعارف في تربة يُعد وسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع، وفي الوقت نفسه، الانفتاح على العالم الخارجي. ويمكن أن تتحقق هذه الغاية من خلال تنظيم فعاليات اجتماعية تجمع بين السكان المحليين والمقيمين والزوار، وتعزيز قيم تقبل التنوع الثقافي والاجتماعي كجزء من طبيعة الحياة في تربة.
في نهاية المطاف، يُبرز التعارف في ثقافة مجتمع تربة القدرة على بناء جسور من التفاهم والتواصل بين الناس، مستلهماً من القيم الإسلامية والعادات المتأصلة. هذا التوازن بين الأصالة والانفتاح يجعل من تربة نموذجًا حيًا لمجتمع متماسك يعتز بثقافته ويستفيد من الانفتاح على الآخرين.