تشييد مبنى جديد للأرشيف الوطني في أوزبكستان
في الآونة الأخيرة، خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، تم توقيع سلسلة من الاتفاقيات الثنائية ذات المنفعة المتبادلة لتعزيز العلاقات الودية والارتقاء بالتعاون الدولي بين البلدين.
وتهدف إحدى هذه الاتفاقيات، والتي تحمل عنوان “اتفاقية بين حكومة جمهورية أوزبكستان وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن جذب أموال المنح”، إلى تعزيز الحفاظ على الوثائق الأرشيفية التي تعكس الحياة المادية والروحية للشعب الأوزبكي. وتحمل هذه الوثائق أهمية تاريخية وعلمية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية.
ما هو التركيز الأساسي للاتفاقية؟
وبموجب الاتفاقية، سيتعاون الطرفان لاستقطاب منحة تقدر بنحو 20 مليون دولار من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة لبناء وتجهيز وتشغيل مبنى جديد للأرشيف الوطني الأوزبكي في طشقند.
وقد تم بالفعل تنفيذ أعمال تحضيرية كبيرة. ومن الجدير بالذكر أن البرنامج الحكومي لبناء مباني الأرشيف ومرافق التخزين للفترة 2020-2025 تمت الموافقة عليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم PQ-4463 بتاريخ 20 سبتمبر 2019. ويوضح هذا البرنامج بناء مباني الأرشيف في جميع أنحاء أوزبكستان وتزويدها بالمعدات والمرافق اللازمة.
في 25 مارس 2019، تم توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة أوزبكستان للأنباء والأرشيف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة. ومنذ ذلك الحين، زار ممثلو الإمارات العربية المتحدة والمتخصصون الأرشيف الوطني لأوزبكستان عدة مرات. وبطبيعة الحال، حظيت المواد الأرشيفية، التي تضم سجلات تعود إلى القرن التاسع وتتمتع بقيمة تاريخية وثقافية وعلمية هائلة، باهتمام كبير.
ما هي الوثائق القيمة المحفوظة في أرشيف الدولة في أوزبكستان؟
وتضم الأرشيفات حاليًا أكثر من 16 مليون وحدة تخزين، منها 9.3 مليون وحدة تابعة لصندوق الأرشيف الحكومي. ويضم نظام الأرشيف 3 أرشيفات وطنية، و14 فرعًا إقليميًا، و101 أرشيف إقليمي ومدني وإقليمي، إلى جانب 116 أرشيفًا للوثائق الشخصية.
وتحتفظ المكتبة بوثائق ترجع إلى القرن التاسع حتى يومنا هذا. وأقدم وثيقة تعود إلى القرن التاسع وهي عبارة عن صك وقف كتبه إسماعيل الساماني (حاكم من 892 إلى 907) في عام 868 ميلادي (254 هـ) بشأن ضريحه وأوقاف ذريته. وتتكون “مجموعة وثائق الوقف” من 1597 مجلدًا مجمعًا، معظمها من بخارى، بينما بعضها الآخر من خيوة وطشقند وسمرقند وهرات وبلخ، وحتى المدن المقدسة مثل مكة والمدينة.
كما تحتفظ الأرشيفات أيضًا بمجموعات متعلقة بشخصيات تاريخية بارزة وأحزاب سياسية ومؤسسات ثقافية وعلمية، على سبيل المثال:
* مجموعة وثائق الوقف (القرن التاسع – أوائل القرن العشرين)
* مستشارية خانات خيوة (أوائل القرن السابع عشر – أوائل القرن العشرين)
* ديوان كوشبيجي أمير بخارى (أوائل القرن الرابع عشر – أوائل القرن العشرين)
* أرشيفات خانات قوقند (أوائل القرن الثامن عشر – أواخر القرن التاسع عشر)
وتتمتع هذه المجموعات بأهمية استثنائية بسبب ندرتها، وتعد بمثابة مصادر أساسية للبحث التاريخي.
ومن بين الأشياء الجديرة بالملاحظة بشكل خاص “أرشيف خانات خيوة” (الصندوق I-125)، والذي يُعرف بأصالته وأهميته الدولية. توفر هذه المجموعة رؤى فريدة من نوعها حول إدارة الدولة والظروف العسكرية والحياة المدنية خلال أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن التاسع عشر. وقد تم إدراج المجموعة في برنامج “ذاكرة العالم” التابع لليونسكو في عام 2017.
ومن بين المجموعات الجديرة بالملاحظة أيضًا “مكتب أمير بخارى كوشبيجي” (الصندوق I-126)، الذي يحتوي على 9441 مجلدًا مجمعًا من عام 1718 إلى عام 1920. وتتضمن وثائق عن السياسة الخارجية لبخارى، والشؤون العسكرية، والاتصالات، والخدمات اللوجستية، والبنية الإدارية، والصحة العامة. كما تم تضمين هذه المجموعة في برنامج “ذاكرة العالم” التابع لليونسكو.
هل أوزبكستان جاهزة لتنفيذ مشروع المنحة؟
وفي الختام، أرسى تقديم دولة الإمارات العربية المتحدة للمساعدات الفنية وأموال المنح الأساس لتنفيذ مشروع بناء مبنى الأرشيف الوطني الجديد في أوزبكستان. وفي مايو 2023، أصدر مجلس وزراء أوزبكستان مرسومًا بهذا الشأن، خصص بموجبه 3.2 هكتار من الأراضي في شارع يانجي أوزبكستان في طشقند للمشروع.
ويأتي المشروع أيضًا ضمن “البرنامج المستهدف لجذب المساعدات الخارجية والتعاون مع الجهات المانحة لعام 2024” الذي أقره مجلس الوزراء.
أهمية الأرشيف
الأرشيف هو كنز يلتقي فيه الماضي والحاضر والمستقبل. ومن خلال الأرشيف، يتم الحفاظ على الصلة بين العصور، وكذلك التاريخ الثقافي والاجتماعي للأمة. وباعتبارها مصدرًا للمعلومات التاريخية والثقافية، فإن الأرشيفات لا تقدر بثمن. فهي توفر شعورًا بالفخر بالتراث الروحي والثقافي الغني للشعب الأوزبكي، مع تقاليده العرقية الفريدة.
وتضع اتفاقية المنحة بين حكومتي أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة الإطار القانوني لهذه المشاريع الطموحة. ومن المتوقع أن يعمل مبنى الأرشيف الوطني الجديد، الذي تبلغ سعته التخزينية 4 ملايين وحدة، كمركز حيوي للحفاظ على الوثائق التاريخية لأوزبكستان وآسيا الوسطى للأجيال القادمة.