أخبار عربية و عالمية

التمدد التركي في أفريقيا.. انتهاز الفرص الاستثمارية وتعزيز وجودها العسكري الدولي

بدأت تركيا استراتيجيتها الجديدة في التمدد نحو القارة السمراء قبل نحو عقدَيْن من الزمان، وتحديداً منذ العام 1998م، ومرّت بعدّة مراحل مهمّة، توّجتها رؤية صانع القرار في أنقرة؛ باعتبار إفريقيا عمقاً استراتيجيّاً للدولة التركية المحورية “المركزية”.

ووفقا لرويترز فإن جولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإفريقية الحالية، وتوقيعه اتفاقيات اقتصادية واستثمارية مع السودان وتونس قد جاءت بهدف تعميق “الشراكة الاستراتيجية” مع دول إفريقية لتطوير العلاقات؛ فإنّ أردوغان قد قام قبل عامٍ بزيارة إفريقية أخرى ذات مغزى عميق، شملت كلاً من إثيوبيا، وجيبوتي، والصومال، في سياق استراتيجيةٍ ممنهجةٍ لتوسيع النفوذ التركي في إفريقيا بما يتجاوز ثنائية الاستثمار والعطاء، بنكهتها الإسلامية المحببة للأفارقة، التي ربما عنونت فتراتٍ عدّة من مراحل الانفتاح التركيّ على العواصم الإفريقية، وصولاً إلى الانتقال بذلك الانفتاح إلى مرحلة التغلغل في إفريقيا، منذ إعلان أنقرة مطلع العام 2016م عن اتفاقيةٍ مع الصومال لإقامة قاعدةٍ عسكريةٍ كبيرة، وضعت قدماً للجيش التركي في خليج عدن الاستراتيجي، لتنضم أنقرة إلى عواصم كبرى لها قواعد عسكرية في منطقة القرن الإفريقي، وبخاصة جيبوتي.

وتقوم أهداف تركيا الأفريقية باعتبارها تمنحها عمقاً استراتيجيّاً في القارة الإفريقية، بالتوزاي مع إمكانياتٍ واعدةٍ للتأثير في كل من قارتَي أوروبا وآسيا، ومن ثمّ فإن تركيا، وفقاً لهذا الاقتراب، دولة “أفروأوروآسيوية”، فهي دولة أوروبية آسيوية بحكم الجغرافية، لكنها قريبة من إفريقيا بحكم التاريخ والجيوبولوتيك، عبر بوابة شرق المتوسط التي تمنحها إطلالة متميّزة على شواطئ إفريقيا الشمالية مدخل القارة السمراء .

وفي هذا السياق؛ تبدو القارة الإفريقية ذات أهمية خاصّة للاستراتيجية التركية الجديدة؛ فهي تضمّ ٥٤ دولة، يزيد عدد سكانها عن مليار نسمة، وتعدّ ثاني أكبر قارة من حيث المساحة وعدد السكان، وهي قارة بِكر بما تمتلكه من موارد وثروات طبيعية وبشرية، كما أنها القارة الأكثر شباباً؛ حيث إنّ 70% من سكّانها يندرجون تحت سنّ الخامسة والعشرين، بما يمثّله هذا الأمر من عاملٍ حاسمٍ فيما يتعلق بقوّة العمل والأسواق.

وعلى صعيد النموّ؛ يبدو الاقتصاد الإفريقي واعداً، حيث جاءت عشر دول إفريقية ضمن لائحة الدول الـ 64 الأسرع نموّاً في العالم بمعدلات نموٍّ تتجاوز الـ6% سنويّاً، ما جعلها محطاً لأنظار المستثمرين الأجانب، وفي هذا الإطار نجحت القارة الإفريقية في جذب 55 مليار دولار من جملة 1.26 تريليون دولار من قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر.

والبعد الاقتصادي هو الوعاء الأبرز الذي يغلّف جميع الدوافع الاستراتيجية الأخرى، بوصفه المنطلق الرئيس للسياسة التركية الجديدة تجاه إفريقيا، حيث تعطي أنقرة أولوية قصوى لتحقيق مصالحة تاريخية مع محيطها العربي والإسلامي والإفريقي، وإقامة شراكة استراتيجية مع دول تلك الدوائر الثلاث.

ويأتي في مقدمة الدوافع التي تشكّل الاستراتيجية التركية الجديدة تجاه إفريقيا، ذات الموارد الاقتصادية الكبيرة والمتنوعة، والأسواق الواعدة، والفرص الاستثمارية المغرية، حيث دشنت تركيا انفتاحها الاقتصاديّ على إفريقيا منذ العام 1998م، وتسارعت وتيرة ذلك الانفتاح لتكون منطلقاً استراتيجيّاً للتوجّه التركيّ الاقتصاديّ نحو القارة.

وتحرص القيادة التركية على ألا يفوتها التنافس الدولي الإقليمي على التغلغل والنفوذ في القارة الإفريقية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى على صعيد العلاقات الدولية، في خضم سعيٍ محمومٍ بين قوى آسيوية ولاتينية صاعدة، مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل، إضافة إلى الدول الأوروبية، والولايات المتحدة الأمريكية ذات النفوذ التقليدي في إفريقيا، للاستفادة من الخيرات الوفيرة في القارة، هذا إلى جانب كل من إيران وإسرائيل على الصعيد الشرق أوسطي.

ويبدو أنّ القيادة التركية قد حزمت أمرها لمنافسة الكبار على الصعيد الاستراتيجي في القارة الإفريقية، وتسعى تركيا لتسويق تمدّدها في القارة السمراء بعيداً عن منطلقات القوى الدولية الأخرى.

وتبدو العلاقات الاقتصادية التركية مع القارة الإفريقية ذات أهميةٍ استراتيجيةٍ قصوى لدى صانع القرار التركي، وقد تعمّقت المصالح الاقتصادية التركية في إفريقيا، وتكرّست عبر قممٍ تركيةٍ إفريقية متعددة، عُقدت بإسطنبول، وزيارات متعدّدة لمسؤولين أتراك إلى إفريقيا، وقد أثمرت الاستراتيجية الاقتصادية التركية المنفتحة على إفريقيا إلى زيادة التبادل التجاريّ بين الجانبَيْن.

albwaabh

صحيفة البوابة الإلكترونية || الإعلام بمفهومه الجديد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى