شوارد الفكر

فرصة ثانية للحياة

ليس النجاح هو تحقيق ما تحلم به لأن ليست كل الأحلام تستحق العناء، ولأن النجاح مرتبط بما تقدمه للإنسانية فمنذ صغري وأنا أحلم بأن أصبح صحفية وكاتبة وبدأ يتحقق هذا الحلم في بداية الثلاثينيات من عمري طبعا الأمر لا يخلو من تعثر ولكن الله فتح لي بابا من فضله فكلما ضاقت بي أجد أحد الجمعيات تتصل علي وتتطلب مني المشاركة في إسعاد الأطفال إما ذوي الاحتياجات الخاصة أو مرضى أو أيتام وكنت أقبل على الفور ودون تردد أقدم خدماتي لهم مجانية وأنا بقمة السعادة والسرور .وكانت الناس تلومني على هذا الموضوع ودائما أسمع كلمات العتاب أنني أخدم الجمعيات على حساب بيتي وأسرتي. ولم أكن أهتم وكأن كلماتهم تعطيني القوة لأستمر …إلى أن استيقظت يوما وأنا أشعر بوخز مؤلم في صدري فكشفت عند الطبيبة وكان بداية ورم خبيث ..
وكانت خطة العلاج مدتها عام واضطررت أن أترك عملي لكي أتفرغ للعلاج
وعندما علمت التكلفة المادية للخطة العلاجية صدمت بمدى ارتفاعها التي تفوق قدراتي بأضعاف مضاعفة وخاصة أنني أصبحت عاطلة عن العمل وقدمت طلب علاج للتأمين الطبي فرفضوا علاجي وقررت أن أسافر خارج بلدي وبعد أن حجزت التذاكر حدث زلزال ومنع الطيران ولم أستطع السفر وأغلقت الأبواب في وجهي والألم يكبر في صدري وبقي باب رحمته وإذ اتلقى اتصال من طبيبي المعالج بأن إحدى الجمعيات تتكفل بعلاج هذه الحالات بعد تعبئة نموذج طلب العلاج كان يترأس الصفحة جمعية رحماء الصحية حتى اسمها يتحدث عنها ورفع طلبي لمنصة شفاء وأيضا لها من اسمها نصيب التي وافقت بدورها على التكفل بعلاجي بعد الله
انتهت جلسات العلاج الكيماوي وأجمع الأطباء على اجراء عملية استئصال الورم بمقدار أقل من اثنين سنتيمتر دون خسارة الثدي ولله الحمد وقبل العملية بيوم كتبت وصيتي وشعرت بأن الدنيا تنتهي بلحظة وأنني غير مستعدة للموت فبكيت ودعوت الله أن يعطيني فرصة ثانية للحياة لكي أرد جميل لكل من ساعدني في حياتي بصحتي وبمرضي ، ودخلت غرفة العمليات وصوت رجل من على يميني ينطقني الشهادتين وكبلوني بالأجهزة ووضعوا جهاز أعلى وجهي وأغمضت عيناي ولا أعلم كم مر علي من الوقت لكني رأيت سيدة تلف رأسي بالمناشف البيضاء ولا أعلم هل أنا في الأرض أم في السماء حاولت أن أنظر إلى قدماي لأرى هل التفت الساق بالساق … لكنني لم أستطع وأغمضت عيناي لأجد أسرتي فوق رأسي مبروك سوزان الحمد لله على السلامة …
وجاءت الصديقات تهنئني بسلامتي وقالت لي إحداهن ماذا فعلت لله حتى شفاكي وأعزك هذا العز في مرضك فأنت تتعالجين في أفضل مستشفيات المملكة فبكيت عاجزة عن الرد،
اليوم مضى أربعة أشهر على إجراء عمليتي والحمد لله شفيت من هذا المرض الخبيث وأيقنت بعد هذا التجربة الصعبة أن رصيدك في الحياة ما تخزنه فيها فازرع خيرا تحصد ثماره ولو بعد حين.
إن النجاح الحقيقي فيما تتطوع خيرا للناس الذي سيعود نفعه عليهم وعليك وأن منبر الحياة فيما تقدمه من عطاء للإنسانية .وصدق رسول الله حين قال : صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
وختاما أتقدم بالشكر الجزيل للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا عامة وشكر خاص لجمعية رحماء الصحية ولمنصة شفاء ولكل من ساهم في علاجي وجزاكم الله خير جزاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى