الموسوعة

فن الرد المهذب على الكلام الجارح

فن الرد المهذب

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يكره العزلة لذا لابد أن يتعلم فن الرد المهذب لكي لا يتعرض له أحد بالإهانة له ولأن حسن الرد يعلمك سرعة البديهة واللباقة ولا يجعلك لقمة سائغة للآخرين.

والكلام الجارح يترك أثرًا سيئًا في النفوس لذلك فالكلمة الطيبة صدقة ولكن هناك الكثير من الناس من ذوي القلوب المريضة لا يدركون هذا ولا يتوقفون عن جرح الآخرين.

الكلام الجارح

هو كل كلام سيئ يتم توجيهه إلى الآخرين مثل السباب والشتم والتعنيف والابتزاز والتهديد، فكل إنسان له حقوق يجب وضعها في الاعتبار ولكل شخص حدود يجب أن يقف عندها.

وفي عصر العولمة وتوفر الإنترنت أصبح كل شيء متاح على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يفتح البعض حسابات مزورة مجهولة الهوية ويقومون بالتهديد والابتزاز وسب الناس بلا وجه حق.

وقد نهى الإسلام عن التطاول على الآخرين بالسب والشتم فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “المؤمن من سلم الملمون من لسانه ويده”، وفي حديث آخر قال: “الكلمة الطيبة صدقة”.

والكلام الجارح يؤثر على نفس الشخص الموجه له خاصةً عندما ينال من سمعته لذا لا بد من التوقف عن نشر الأكاذيب والسب باللسان ويجب على كل إنسان عاقل أن يتعلم فن الرد المهذب لكى لا يكون غنمة في غابة الذئاب.

تأثير الكلام الجارح

يترك الكلام الجارح أثرًا سلبيًا في نفس الإنسان وقد يفقده ثقته بنفسه ويحطم كبريائه وقد أمر الإسلام بحسن الخلق، ونهى عن الغلظة في القول لما يتركه في النفوس من كراهية.

والكلام الجارح قد يصيب الإنسان بالضيق والكآبة وجاء في القرآن الكريم: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)”.

والقول الفاحش البذيء ليس من صفات المسلم لأنه يورث الكراهية في النفوس ويمرض القلوب.

القول الجارح ليس من صفات المؤمن في الإسلام

لا بد أن يتعلم الإنسان فن الرد المهذب ولا يجعل لسانه ينطق بالسوء الذي لا يحبه ولا يرضاه الله فقال تعالى: “لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ” النساء/ 148.

وجاء في تفسير الآية للإمام السعدي أن السوء من القول يدخل فيه الأقوال السيئة جميعها كالقذف والشتم والسب فيجب على الإنسان أن ينتقي كلماته لكى لا يجرح بها الآخرين، ولكن حينما يظلم الإنسان فيجوز له أن يدعو على من ظلمه فدعوة المظلوم مجابة ولكن عليه ألا يتجاوز الحد ويكون على قدر الظلم الواقع عليه.

كما أن بعض الناس يخوضون في أعراض المؤمنين في السر والعلن وهذا من الكبائر، قال تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” الأحزاب/58.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ؛ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ـ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ـ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟”.

أثر وسائل التواصل الاجتماعي في السب والقذف الإلكتروني

أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وواتساب التدخل في حياة الآخرين وقد يقوم بعض الناس بفتح حسابات مزيفة بهويات مجهولة ويوجهون السباب للآخرين والخوض في أعراض الناس دون مراقبة أو خوف من الله.

حيث يعتقد أصحاب النفوس المريضة أنه عند قيامهم بسب وقذف الآخرين من خلف شاشات الحاسوب والهاتف فلن يكتشفهم أحد ولن تمسهم يد القانون فيفعلون ما يحلو لهم ويروجون لما يريدون.

وربما يرجع السبب في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الشكل المشين بسبب غياب الوازع الديني والانحلال الأخلاقي في ظل غياب الرقابة الأسرية، ولا بد من توعية الأبناء وتوعية العامة ليحسنوا استخدام التكنولوجيا.

ويمكن الحد من الأثر السلبي للتكنولوجيا من خلال التوعية في الأماكن التعليمية كالمدارس والجامعات والأماكن الثقافية مثل النوادي أيضًا لا بد من تكاتف الأسرة وتوعية الأبناء ولا يخفى عنا أهمية الإعلام في التوعية.

ويمكن أيضا الحد من الأثر السلبي للتكنولوجيا واستخدامه في القذف والسب من خلال استخدام أسلوب الردع بالقانون وفرض العقوبات القانونية على من يثبت عليه قذف الآخرين من خلال قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية.

فن الرد الذكي

هنالك الكثير من الطرق لتعلم فن الرد المهذب على القول الجارح سنذكرها على موقع البوابة، وهذه الطرق هي:

التجاهل

فتجاهل الشخص البذيء يجعله يشعر بالدونية والنقص ولا يحوز الاهتمام الذي يرجوه.

التجنب

يعد تجنب الشخص صاحب القول الجارح وعدم الخوض في مناقشته من أفضل الطرق في فن الرد المهذب.

الهدوء

عادةً ما يحاول صاحب القول الجارح استفزاز من أمامه بقوله، لذا لا تعره اهتمامًا وتحكم بانفعالاتك كما لو كنت لا تبالي بكلامه فذلك الأسلوب البارد من شأنه أن يثير غيظه وربما لا يكرر كلامه مرةً أخرى.

الرد بالخير

حيث حث الإسلام على الكلمة الطيبة فهي صدقة وحينما قال اليهودي للنبي صلي الله عليه وسلم السام عليكم اكتفى بقول وعليكم وأمر السيدة عائشة بالرفق في القول.

توضيح الحقيقة

من إحدى طرق فن الرد المهذب وتعتمد على كشف صاحب القول الجارح للآخرين بسبب الإهانات التي يوجهها للآخرين ردًا عليه لينتهي عن فعله.

المواجهة

من فن الرد المهذب على الكلام الجارح مواجهة صاحب القول الجارح وتوضيح مدي فحشه، وينبغي ضبط النفس لكيلا يصل الأمر للعراك والتشاجر.

الطرق الأخرى لتعلم فن الرد

  • اكتساب الوقت: حيث يفكر الإنسان لبرهة وينتقي كلماته بما يتناسب مع أخلاقه الحسنة للرد على من أهانه.
  • الأصدقاء: الصديق وقت الضيق وفي حال تعرض لك أحدهم ولا تستطيع رده يمكنك طلب يد العون من رفاقك في الرد على من أهانك.
  • تكرار السؤال: حيث يمكن إحراج الشخص من خلال ترديد السؤال عليه أكثر من مرة ونقاشه.
  • الفكاهة: إذا كنت ذو حس فكاهي فقد يعمل ذلك لصالحك في تحويل الموقف لفكاهة وعدم المبالاة.

أثر الكلام الطيب والرد المهذب على النفس

إن الكلام الطيب له أثر جميل على النفس فالكلمة الطيبة صدقة ومواقف الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على حرصه على دفع السيئة بالحسنة، وأن نعفو على من أساء إلينا، وقد وصف المولى الرسول بالخلق العظيم في القرآن الكريم ونحن لنا في رسول الله أسوةٌ حسنة.

والرفق في القول من أسمى المعاني، فعن عائشة رضي الله عنها أن يهودي قال للنبي صلي الله عليه وسلم السام عليك فقال النبي وعليكم فغضبت السيد عائشة وقالت وعليكم لعنة الله، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة عن ذلك وقال لها عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش.

مقولات عن الكلام الجارح

هناك العديد من الأقوال التي توضح مدى خطورة الكلمة السيئة وتعلمك فن الرد المهذب منها:

  • ينكسر الزجاج فينتهي الصوت بسرعة وتبقى قطع الزجاج تجرح من يلمسها، كذلك الكلام الجارح ينتهي ويبقى القلب يتألم طويلاً.
  • قد أنسى ما قالوه لي يومًا، لكن لن أنسى ما جعلوني أشعر به.
  • لا أجيد رد الكلمة بمثلها، فأنا لا أجيد السباحة في الوحل.
  • قد يجرحك كلام بعض الناس، لكن تذكر أن الصواعق لا تضرب إلا القمم.
  • أربعة يجب ضبطها: اللسان، والأعصاب، والنفس، والشعور.
  • إذا خرجت الكلمة من القلب دخلت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان.
  • اللسان سيف قاطع لا يؤمن حده، والكلام سهم نافذ لا يؤمن رده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى