الهي انت ثقتي في كل كرب
أكثر الأدعية لفك الكرب هو دعاء الهي انت ثقتي في كل كرب،حيث يعاني الكثير من الناس يعانون من الكرب فلا ملجأ للفرج إلا للدعاء لله سبحانه وتعالى وفك كربه قريبًا.
قصة دعاء الهي انت ثقتي في كل كرب
يوضح موقع البوابة قصة هذا الدعاء كما يلي:
- بعد تولي يزيد بن معاوية مقاليد الحكم، كان في ذلك الوقت شعب العراق لا يريد يزيد أو والده، لأنهم أحبوا ابن أبي طالب آل بيته وعندما وصل أهل العراق إلى أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية الذي أرسلوا له خلال 60 عاماً هجرياً الرسل والكتب التي تدعوه إلى البيعة بلغ عدد الكتب التي وصلت إلى الحسين إلى 500 كتاب.
- أراد الإمام الحسين أن يتأكد من صدق شعب العراق، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل للبحث في الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة فقام الناس مبايعته على بيعة الحسين، وداخل دار هانئ بن عروة، وعندما بلغ الأمر إلى يزيد بن معاوية في دمشق.
- فأرسل عبيد الله بن زياد والى البصرة للتعامل مع هذا القضية ومنع أهل الكوفة من الخروج مع الحسين عليه ولم يتم أمره بقتل الحسين، فذهب عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، وبدأ البحث والتحري عن الأمر حتى علم أن دار هانئ بن عروة هو مقر مسلم بن عقيل، حيث تتم فيها المبايعة.
- وقبل أن يغادر الإمام الحسين مكة المكرمة يوم التروية كان قاصداً العراق أراد بعض الصحابة منعه من الخروج، مثل ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عمرو، وشقيقه محمد بن الحنيفة وغيرهم، فقال له عبد الله بن الزبير: “أين تذهب؟ إلى قوم الذين قتلوا والدك وطعنوا أخاك”.
- واصل حسين المسيرة إلى العراق حتى أشرف عليها، فلما لبث رأي طليعة لابن زياد، عندما رأى أنه رفع يديه وقال:
- (اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثِقة وعُدَّة، فكم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي وليُّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية)
- وبينما كان الإمام الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، وجدته الخيول في كربلاء وعلى رأسهم عمرو بن سعد، وشمر بن بن ذى الجوشن وحصين بن تميم.
- ونزل يناشدهم الله والإسلام إلى يختاروا واحد من بين ثلاثة، أن يسيروه إلى أمير المؤمنين الذي هو يزيد ووضع يده في يده لأنه يعلم أنه لا يرغب في قتله أو أنه يغادر من حيث أتي إلى المدنية أو يلحق بأحد ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله.
شرح دعاء الهي انت ثقتي في كل كرب
(اللّهُمَّ اَنْتَ ثِقَتي في كُلِّ كَرْبٍ وَرَجائِي في كُلِّ شِدَّة وَاَنْتَ لي في كُلِّ اَمْرٍ نَزَلَ بي ثِقَةٌ وَعُدَّة)
هذه الفقرة الأولى من الدعاء الذي دعا به عليه والسلام تعكس محبة الله – سبحانه وتعالى – التي غمرت قلبه الطاهر المقدس فكان الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى، والثقة برعايته، قدم عليه السلام الخوف والرجاء في دعائه كطريقة ومنهج اتبعه.
ما يميز هذا الدعاء عن باقي الأدعية أنه في في ليلة عاشوراء، وسيكون نهجا جديدًا للتغلب على الأزمات التي تعاني منها النفس البشرية، وهو تفريج الهموم وانقضاء وكشف الكرب.
ثم يقول، عليه السلام: (كَمْ مِن هَمٍ يَضْعُفُ مِنهُ الفُؤاد وَيَقِلُّ فِيهِ الحِيَل وَيَخْذُلُ فِيهِ الصَّديق وَيَشمَتُ فِيهِ العَدوُّ)
تشير هذه الفقرة إلى الهم والحزن والكرب الذي هو فقط عندما حدوث أمر معين من فعل سئ ويصبح صاحبه مريضًا وأكثر سواءً، ويصبح قلبه انقباضًا وكدوره وحزنًا، ويجتمع القلق والحزن معه ، بسبب نقص الحيلة ، وفشل وخذلان الناصر (الصديق) وشماته العدو الخ.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت هذه الفقرة من الدعاء عن شيء سيحدث في المستقبل من خلال الأدلة على أن البلاء قد حدث، وبذلك يكون الهم والكرب أعظم ولذلك عبر الإمام الحسين، عليه السلام، عن ذلك من خلال الجيوش التي تجمعت من حوله؛ فهل من مخرج عند اجتماع الهم والحزن معًا؟.
يجيب عليه السلام على هذا السؤال ويقول:
(اَنْزَلتُهُ بِك وَشَكَوتُهُ اِلَيْك رَغبَةً مِنّي اِلَيْك عَمَّنْ سِواكَ)
وتشير الفقرة إلى أن الإمام الحسين صلى الله عليه وسلم بدأت أدعيته من الله وتنتهي به سبحانه وتعالى ولذا لا يشكو من همه وغمه وكربه إلا لله سبحانه وتعالى.
وهذا يكشف عن عظمة البلاء الذي ينزل إليه، لأنه بين ما ستوقعه ويلات الحرب على أبنائه، أبناء وأصدقائه وأطفاله وبناته وبين الغم الذي يكشف يقينه حول ما سيحدث لهم جميعا أو أي منهم وهذه الخصائص الفريدة، وبصرف النظر عن الداخل في الحرب، لا يعرف مصيره.
عندما نرى الإمام الحسين، عليه السلام شعر بالفزع، ولجأ واشتكى في كل ألم وضيق إلى قلبه – مع ضعف الفؤاد وخذلان الناصر وشماته العدو عما سواه من خلق حين قال رَغبَةً مِنّي اِلَيْك عَمَّنْ سِواكَ فتكون النتيجة: فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفتَهُ.
ثم تبعه بالشكر الجزيل لله سبحانه وتعالي بقوله (وَاَنْتَ وَليُّ كُلِّ نِعْمَةٍ وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ وَمُنْتَهىٍّ كُلِّ رَغبَة) التي تعني حفظ النعم التي أعطيتني إياها، والتي ستمن بها إذا أردت أن سلبتها بعيداً، وإذا أردت أدتها يعني التسليم بقضاء الله والرضا بما قدره الله له، عليه السلام
لقد حملت هذه المناجاة بيان التوحيد، درجات اليقين وبيوت المودة ومنازل الحب التي تكشف السير الحسيني لله، من خلال تناوله عليه السلام في هذا الدعاء عوامل لدفع كل الهموم والغموض، مؤمناً بقوله الله تعالي أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، (سورة الرعد: 28)
وتشمل هذه قوة القلب، وتوفر الحيلة (الحلول والخيارات)، ودعم الصديق، والقضاء على العدو، والشكوى إلى الله سبحانه وتعالى، واليقين بالفرج والمحصلة وهذه المناجاة تظهر حجم المصائب وتأثيرها على النفس، وفي الوقت نفسه فهي تمثل عوامل لدفع هذه المصائب.
لذلك نتعلم من الإمام الحسين عليه السلام من هذه المناجاة التوحيد إلى الله – سبحانه وتعالى – وأن نشكو إليه في كل كرب وحزن وخوف وكل هم وغم وحزن، وأن يكون الله سبحانه وتعالى من الأحب إلينا من جميع الأمور الدنيوية من الأبناء والإخوة والآباء والأقارب والأصدقاء والمال، إلخ.