تستقبل المملكة العربية السعودية أعدادا متزايدة من الزوار الذين يقصدون بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف الذي قال عنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم كماورد في صحيح البخاري “بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة”.
المسجد النبوي الشريف
يعتبر المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة من أقدس الأماكن الإسلامية كونه أسس بمشاركة شخصية من النبي محمد صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة، وكان إمامه، كما سجل سابقة كهربائية كونه أول صرح يتم إمداده كهربائيا ضمن الجزيرة العربية خلال عام ١٩٠٩م.
أنشئ المسجد النبوي الشريف بعد إنشاء مسجد قباء في السنة الأولى للهجرة على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة التي كان يطلق عليها قبل الهجرة اسم “يثرب”، وفق ما ذُكر بكتاب الرحيق المختوم للمباركفوري.
مكنونات المسجد
الصلاة داخل المسجد النبوي محببة أكثر من ألف صلاة في غيره من المساجد باستثناء المسجد وفق ماتصفه التقاليد الدينية الإسلامية، ففيه روضة من رياض الجنة حسب ما أشارت له المؤلفات الإسلامية، فقد جاء بصحيح البخاري أن أبا هريرة نقل عن لسان النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة”.
يستمد المسجد أهميته الدينية من احتوائه ضريح النبي محمد صلى الله عليه وسلم وضريحي الخليفة أبي بكر الصدّيق والخليفة عمر بن الخطاب، إضافة لمساكن زوجات الرسول (ص)، فضلاً عن الروضة.
توسعات وتجديدات
شهد المسجد النبوي الذي بني خلال عام ٦٣٢ للميلاد بجانب منزل الرسول صلى الله عليه وسلم، عدة توسعات لاتزال مستمرة ليومنا هذا، آخرها كانت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرامية للمحافظة على جمال المسجد وتطويره من خلال إجراء الكثير من التجديدات والتوسعات عليه، ومن المتوقع ارتفاع قدرة المسجد الاستيعابية لتصل إلى1,8 مصلٍّ في ذات الوقت متى ماتم الانتهاء من التجديدات التي تجري حالياً.
القدرة الاستيعابية للمسجد
سعة المسجد كانت محدودة جداً ببدايته، إلا أن التوسعات التي رافقته منذ قرون جعلت قدرته الاستيعابية تتزايد بازدياد أعداد الزائرين من كافة أرجاء العالم سواء كانوا مصلين أو حجاج، وكما ذكرنا أن الإقبال الشديد الذي يشهده المسجد النبوي يعود لأهميته الدينية فهو أحد المساجد الثلاثة التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم التوجه إليها إلى جانب المسجد الحرام المتواجد في مكة المكرمة، والمسجد الأقصى بالقدس.
قطار الحرمين الشريفين قصة من التطور
معالم قيّمة
يحيط بالمسجد العديد من المعالم التي تتفرد بها المملكة كبقيع الغرقد التي تتموضع بجانب الجدار الغربي للمسجد وتعتبر المقبرة الأساسية لسكان المدينة المنورة منذ زمن النبي محمد (ص)، وتحتوي قبور مئات الصحابة، كما تحاوط المسجد عدة أبنية حكومية ومراكز تسوق، إضافة إلى العديد المشافي والفنادق المرموقة.
مسؤولية المسجد
يلقى عاتق مسؤولية إدارة المسجد النبوي الشريف والمسجد الحرام على الرئاسة العامة لشؤون المسجدين الحرام والنبوي، إلا أن الاهتمام بالمسجد النبوي وخدمته تعتبر من مهام البلاط الملكي في المملكة العربية السعودية وهذا هو سبب تلقيب الملك عبدالله بن عبدالعزيز بخادم الحرمين الشريفين.
أول إمام للمسجد النبوي الشريف كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته استلم راية المهمة أصحابه ليواصل من بعدهم أبناؤهم من الأجيال التي جاءت بعدهم.
مؤذنو المسجد
أول مؤذن نادى على الصلاة في المسجد النبوي الشريف كان بلال بن رباح وسلم عقب الحلم الذي قصه عبد الله بن زيد على رسول الله محمد، ليأمر النبي بإعطاء مهمة الآذان إلى بلال نتيجة لصوته المميز بجهوريته الواضحة، بينما وصل عدد مؤذني المسجد في وقتنا الحالي إلى سبعة عشر مؤذناً، حيث يعمل ثلاثة مؤذنين بالتناوب على رفع الآذان بشكل واضح ويصل إلى المصلين بدقة.
بدايات نشأته
قام النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشراء أرض كانت تستعمل لتجفيف التمور بعد وقع اختيار الجمل الذي امتطاه النبي إلى المدينة المنورة على هذه القطعة بالتحديد، وذلك مقابل عشرة دنانير دفعت لصاحبيها سهل وسهيل الشابين اليتيمين.
بني المسجد بأساس صخري وجدران من الطين وبمشاركة شخصية من رسول الله محمد (ص)، كما اسُعين بجذوع وسعف النخيل في بناء قسم من سقفه، فينا تم تعديل جهة المحراب لتكون في الجانب الشمالي وذلك أثناء تغيير جهة القبلة للكعبة، حيث تم تبديل الباب الجنوبي بباب يتجه شمالاً.
النبي محمد صلى الله عليه وسلم امتنع عن إمداد سقف المسجد بالطين، فيحكى أن الصحابة رضوان الله عليهم قد طلبوا منه تمتين السقف بمادة الطين ليرد عليها رسول الله قائلاً: (كلا بل عريش كعريش موسى)، ولم يتم تبليط أرضية المسجد قبل مرور ثلاثة أعوام.
يذكر أن المسجد النبوي الشريف كان في بداية نشأته مقابلاً للمسجد الأقصى بالقدس، وهو القبلة الأولى للمسلمين، فيما تميز بوجود ثلاثة أبواب إضافة لمكان مظلل خاص باستقبال وإيواء فقراء الحال وعابري السبيل.
جمال خلاب
يعكس التصميم الخارجي للمسجد جماله الداخلي، حيث يتفرد بباحات واسعة وسقف مزخرف بشكل خلاب، إضافة لحجمه وقدرته الاستيعابية والقبب الرائعة والإضاءات والمنائر فضلاً عن السجاد الجميل الذي يزين أرضيته وأنظمة التبريد الغني بها، وغيرها من التفاصيل التي لا تستطيع الكلمات أن تعطيها حقها من الوصف.
أبواب ومصاعد
وفق ما تبين خريطة الرئاسة العامة لشؤون المسجدين الحرام والنبوي فإن المسجد يتألف من ٤١ بوابة يزين أعلى كل باب آية من سورة الحجر تقول “ادخلوها بسلام آمنين”، فيما يبين الشيخ الخطابي أن عدد أبواب المسجد النبوي يبلغ ٨٥ باباً، كما يتميز المسجد أيضا بوجود مصاعد تساعد زائريه على الوصول للطابق الأول منه إضافة إلى أنها تساعدهم على بلوغ باحة سطح المسجد.
خاتمة
تلك كانت وقفة عند ثاني أقدس الأماكن الدينية الإسلامية المسجد النبوي الشريف الغني بمكوناته الغالية ففيه ضريح النبي محمد (ص)، وتحيطه العديد من المعالم والمؤسسات الحكومية والفنادق الفاخرة وغيرها.